الإستغلال يزيد معاناة النازحين في مناطق درع الفرات

6 مارس 2020آخر تحديث :
الإستغلال يزيد معاناة النازحين في مناطق درع الفرات

تركيا بالعربي – حسان كنجو

تتزايد أعداد النازحين والهاربين من جـ..ـحيم المـ.ـوت في مناطق إدلب وريف حلب الغربي باتجاه المناطق التي تسيطر عليها تركيا في أقصى الشمال من حلب يوماً بعد يوم لا سيما في ظل الحملة العسكرية التي توقفت لتوها فجر اليوم الجمعة السادس من شهر آذار/مارس والتي شنتها ميليشـ.ـيات النظام السوري على أرياف إدلب وحلب بدعم جوي من الطـ.ـيران الروسي وبري من الميليشـ.ـيات التابعة لإيران وهو ما أدى لتهـ.ـجير نحو مليون ونصف المليون من منازلهم خلال الشهر الأخير من الحملة فقط.

وأعلن كل من الرئيسين فلاديمير “بوتين” والتركي رجب طيب “أردوغان” يوم أمس الخميس الخامس من آذار/مارس، توصلهما لاتفاق وقف لإطلاق النار عند الخطوط الحالية، أي على الترسيمات الجديدة بعد تقدم النظام الأخير.

إستـ.ـغلال يزيد المعاناة

وفيما بات مئات آلاف النازحين مشردين دون مأوى بعد ان خسروا منازلهم واتجهوا إلى مناطق الشمال الذي تسيطر عليه فصائل مدعومة من تركيا وخاصة مدينتي عفرين واعزاز، شرع بعض سماسرة تلك المناطق باستغـ.ـلال النازحين غير آبهين بظروفهم ومأساتهم، حيث بدأت أسعار إيجارات المنازل ترتفع بشكل جنوني حتى وصل الآجار الشهري لمنزل مكون من غرفتين وصالة في مدينة اعزاز نحو 300 دولار أمريكي في وقت لا يمتلك غالبية النازحين 3 ليرة سورية في جيوبهم.

أما عن الجانب الأمني فلم يكن بأحسن حالاً من الجانب الإجتماعي، حيث مارست بعض الفصائل سياسات الترهـ.ـ.يب على اللاجئين ومنعتهم من المكوث في أبنية لا نوافذ لها ولا أبواب رغم أنها فارغة وغير مؤهلة للسكن إلا أنها تفي بالغرض مؤقتاً وأفضل من الخيمة كونها تحوي سقفاً وجدراناً تقيهم نوعاً ما من البرد القارس والأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة وفق ما وصفه أحد النازحين.

يقول “أبو علي” وهو رجل خمسيني ورب لأسرة من ثمانية أشخاص وأحد النازحين من معرة النعمان إلى إعزاز في حديث لـ “تركيا بالعربي”: “خرجت نازحاً من منزلي قبل شهرين تقريباً وقصدت مناطق فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا والسبب في اختياري لتلك المناطق هو لاعتقادي بأنها الأكثر أماناُ لكونها لا تتعرض للقصف من جهة ووجود الجـ.ـيش التركي فيها بشكل مكثف هناك وهو ما سيحول أمام أية محاولة تقدم قد تشنها قوات النظام وميليشـ.ـياته الإيرانية على المنطقة إضافة إلى أنها مناطق متفق عليها دولياً بأنها (آمنة).

يستطرد: “خرجت برفقة زوجتي وأطفالي قاصدين مدينة اعزاز بالتحديد، وعند وصولنا استقرينا في الأراضي الزراعية المحيطة بالمدينة مع حشد كبير من المدنيين مفترشين ما يمكن افتراشه من طرحات قطنية وبسط وحصر وملتحفين بما تمكنا حمله من أغطية وبعدها دخل غالبنا إلى المدينة للسؤال عن منازل وهنا كانت الصدمة”.

يضيف: “قابلت شخصاً هناك فأخبرني أن لديه منزلاً من غرفتين وصالة وعندي سؤالي عن ثمن الإيجار الشهري أجابني بأنه 300 ، فأخبرته بأن مبلغ 300 ليرة تركية مبلغ صعب تأمينه فقال لي بلهجة محلية (تركي شو وسوري مين 300 دولار أمريكي عمو)، فصعقت من السعر وأخبرته بأننا نازحين، لكنه قاطعني على الفور وقال لي (هاد الي عندي ما بدك في ألف مين ياخد…. بيت بنص البلد وقريب عالسوق أقل من هيك ما بزبط وكل الأسعار هيك)”.

غرفة في مدجنة دجاج بـ 50 دولار أمريكي

وفيما ارتفعت إيجارات المنازل بدأ النازحون يبحثون عن أماكن أخرى أقل ثمناً أو مجانية كـ “حيمة ” او بناءً مهدم جزئيا إلا ان الحظ لم يحالفهم أيضاً، حيث روى أحدهم (رفض الكشف عن اسمه) قصته مع صاحب مدجنة دجاج فارغة حيث قال في حديث لـ “تركيا بالعربي”: “نزحت من مدينتي سراقب قبل ثلاثة أسابيع تقريباً وحاولت التواصل مع صاحب مدجنة في منطقة “أطمة” الحدودية مع تركيا أقصى الشمال من إدلب علني استطيع تأمين مأوى لي ولعائلتي”.

وذكر: “الصدمة أنه بدأ بالسؤال عن عدد أفراد الأسرة وعندما سالته عن السبب أجابني بأن كل أربعة أشخاص يعتبرون عائلة ولديهم الحق في استئجار غرفة واحدة في المدجنة بقيمة 50 دولار شهرياُ، وعندما عارضته قاللي أن هذا هو القانون و (ما عجبك الله معك)”.

أما “أبو اليمان” وهو نازح من ريف حلب فقد تحدث لـ “تركيا العربي” عن معاناته عندما حاول الحصول على خيمة في منطقة “سجو” قرب معبر باب السلامة قائلاً: “حاولت الحصول على خيمة في منطقة سجو، إلا أن صاحبها الجشع أصر على بيعها وليس تأجيرها وعندما وافقنا طلب مبلغ 2500 ليرة تركية كثمن لها فوافقنا على السعر وطلبنا من أقاربنا المقيمين في تركيا مبلغاً مالياً”.

وأردف: “صدمنا عندما عرفنا أن جزء من الخيمة يقع داخله فتحة للصرف الصحي (ريكار)، وأننا سنقطن نحن و (الريكار) في خيمة واحدة فألغينا الفكرة وآثرنا النزوح هنا وهناك وحتى الآن نفر من القصف من منطقة إلى أخرى، فيما تلاحقنا طائرات النظام وصواريخ ميليشياته وتقتل في كل يوم أملاً جديداً لنا في الحياة”.

يذكر أن موضوع استغلال النازحين قد تكرر العديد من المرات، ورغم الضغط الإعلامي على المنظمات لتأمينهم بعيداً عن جشع مستغليهم، إلا أن تلك المنظمات لم تستطع تحمل القدر الكبير منهم لا سيما وأن أعداد النازحين باتت في الشمال تقدر بنحو 2 مليون نازح منذ منتصف 2019 وحتى الشهر الحالي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.