قونيا التركية.. سوق “بداستان” تجارة نابضة منذ ألفي عام

3 أكتوبر 2018آخر تحديث :
إعلان
قونيا التركية.. سوق “بداستان” تجارة نابضة منذ ألفي عام

يحتفظ سوق “بداستان”، بكونه من أكثر المراكز التجارية حيوية على مر العصور المختلفة في ولاية قونيا، وسط تركيا.

واكتسب السوق تلك الصفة منذ تأسيسه في الفترة الرومانية، وتمسك بها في عهود سلاجقة الأناضول والعثمانيين وصولا إلى يومنا هذا، حيث يعتبر القلب التجاري النابض للولاية.

ويتواصل النشاط التجاري في السوق التاريخي، منذ ألفي عام دون انقطاع، ويتكون من 40 زقاقًا تضم على جنباتها أكثر من ألفين و600 محل تجاري.

وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، أمر المفتي والقاضي مولانا قدري تشلبي، في 1538 ميلادي، بتطوير السوق وفق النمط المعماري التقليدي مكونا من 9 أقسام.

ولا يزال السوق يحافظ على هيئته، بعد أن تم ترميمه مؤخرا من جانب بلدية قونيا الكبرى.

إعلان

وإلى جانب المحال التجارية، يضم السوق جامعي العزيزية و”قابي”، إضافة إلى مجموعة واسعة من المنتجات والسلع التي تجعل منه محطة جذب للسياح المحليين والأجانب.

كما يشهد السوق الذي يقع بالقرب من ضريح العالم الصوفي الشهير جلال الدين الرومي (مولانا)، إحياء نظام الآخية العثماني بين أصحاب المحلات فيه.

ويعتمد “نظام الآخية” العثماني، على تأهيل الشعب في العديد من المجالات المهنية ومنها التجارة والفنون والاقتصاد، بالإضافة إلى تنشئته تنشئة أخلاقية حميدة، في جو من المحبة والصداقة والكرم.

ويعجّ السوق بالحرفيين، وأصحاب المحلات الذين ورثوا المهنة عن أجدادهم، وهواة جمع الأدوات العتيقة، وعشّاق الفن اليدوي، والشبان المقبلين على الزواج ممن يبتاعون مستلزمات زفافهم، إضافة إلى الزوار المحليين والأجانب بهدف رؤية الجانب التاريخي للسوق.

وتشمل المحال التجارية، المطاعم، والمقاهي، ومحال الزينة، والملابس، والقطع التاريخية، ومنتجات الفن اليدوي التقليدي.

ووصف البروفسور جانار أراباجي، عضو هيئة التدريس في جامعة نجم الدين أربكان بقونيا، سوق “بداستان” بأنه المركز التجاري النابض للولاية.

وأضاف أراباجي، في حديثه للأناضول، أن ولاية قونيا احتضنت مختلف الحضارات على مر العصور، واكتسبت شخصيتها وسماتها الرئيسية من السلاجقة.

وأوضح أن المدينة شهدت طفرة كبيرة في مجالات التعليم، والتجارة، والثقافة والفن خلال فترة حكم السلاجقة.

وأشار الأكاديمي التركي، إلى أن سوق “بداستان”، كان مركزا تجاريا هاما أيضا خلال المراحل التي سبقت العهدين السلجوقي والعثماني.

وتابع قائلا، “تم تصنيف السوق وفق المهن. مثل زقاق النحاسين، واللحامين، وباعة الكتب والمخطوطات. في خطوة تنعكس بشكل إيجابي على البائع والمشتري”.

ويضيف أنه بتلك الطريقة “يجتمع الباعة في قطاع ما فيما بينهم، ويسهل للمشتري العثور على سلعة يبحث عنها عبر التجول بين المحال المجاورة لبعضها البعض”.

وذكر أراباجي، أن حريقا وقع داخل السوق في عهد السلطان العثماني عبد العزيز (1861-1876م)، وعقب ذلك تم إنشاء جامع العزيزية، بأوامر السلطان عبد العزيز، ووالدته السلطانة برتفنيال، ليضم السوق بعده جامعين على طرفيه، العزيزية عند مدخله الأول، وجامع “قابي” عند مدخله الثاني.

ولفت “أراباجي” إلى أن أغلب الخانات الموجودة في السوق، هي آثار عثمانية.

وأردف قائلاً: “لم يكن سوق بداستان مركزا تجاريا فحسب، بل مكانا للتآخي والتضامن وترسيخ العلاقات الاجتماعية، وذلك بفضل نظام الآخية العثماني، القائم على علاقات الأخوة بين التجار والحرفيين وعمال السوق سواء المسلمين أو غير المسلمين”.

كما يضم السوق خانات أرمنية أيضا، تعود لمواطنين أرمن كانوا يتاجرون في السوق ويقيمون علاقات مع المسلمين خلال العهدين السلجوقي والعثماني، بحسب الأكاديمي التركي.

إعلان

بدوره، قال وهّاب ألتونال، أحد أصحاب محال المفروشات في سوق “بداستان”، إنه يمارس التجارة منذ 60 عاما، وأنه جيل أسرته الثالث ممن يعمل في التجارة داخل السوق التاريخي.

وأوضح أنه منذ 20 عاما وهو يدير محله التجاري بسوق “بداستان” والذي ورثه عن والده وجده.

وأشار إلى روح التآخي والتضامن الذي يسود تجار السوق، سواء الأتراك أو الأجانب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.