تركيا تبدأ تنفيذ خطة لكبح موجة الغلاء
تركيا بالعربي – متابعات
بدأت الحكومة التركية، اليوم الخميس، تنفيذ خطة عامة للتدخل في السوق الاستهلاكية من أجل ضبط الأسعار ولجم مستويات التضخم الجامحة، متسلحة بالتعاونيات الزراعية، بما يُفضي إلى تعزيز المنافسة ويلزم التجار والباعة بتخفيض الأسعار.
وقال مصدر في حزب العدالة والتنمية الحاكم فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن “الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام جشع التجار واستمرار رفع الأسعار”، لأن التضخم المتنامي “يمكن أن يؤثر على خطة الدولة للعام المقبل”، فيما تخطط البلاد لدخول نادي العشرة الكبار.
وذكر أن التدخل سيحصل عبر فروع أسواق التعاونيات الزراعية المنتشرة عبر جميع الولايات التركية: “يوجد 10 آلاف فرع، ويجرى افتتاح المزيد اليوم” لطرح المنتجات الزراعية الآن، بشقيها الحيواني والنباتي، بأسعار أقل من السوق بـ40% عبر خطوتين، 25% ومن ثم 15% إضافية، “وبدأ التطبيق اليوم الخميس بالنسبة للحوم”.
ولم ير أن هذا التدخل يخل بمتقضيات السوق الحرة، بل من حق الدولة المنافسة لما فيه مصلحة المستهلك، بعد أن اقتربت نسبة التضخم من 80% وارتفعت الأسعار بأكثر من 100% خلال عام، ما زاد من نفقات الأسرة التركية، رغم رفع الحكومة، ولأول مرة، الحد الأدنى للأجور مرتين خلال عام واحد.
وبحسب مصادر تركية، فقد بدأت اليوم الأسواق التابعة لتعاونيات الائتمان الزراعي تخفيض أسعارها، بعد دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان، أول من أمس، وتأكيده أن “هذه الأسواق لم توسَّس من أجل الربح”، بل من أجل خفض الأسعار كي يتمكن المواطن من شراء المنتجات الغذائية الأساسية بأسعار معقولة.
وخفضّت المتاجر التابعة لأسواق التعاونيات، اليوم، أسعار لحم الغنم بنسبة 25% ليبلغ سعر كيلو لحم الغنم المقطع 137 ليرة متراجعاً عن السعر السابق البالغ 181 ليرة، ووعدت “باستمرار تنفيذ الخطة” وتخفيض أسعار الحليب والبيض والزيت والشاي والسكر والجبن “بالإضافة لخصومات على أسعار لحم البقر”.
التضخم في تركيا يقترب من 80%… أعلى مستوى في ربع قرن
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد، خلال اجتماع مجلس القرار المركزي لحزب العدالة والتنمية، أن الأسواق التابعة لتعاونيات الائتمان الزراعي لم تؤسّس من أجل الربح، وأصدر أمرًا بخفض الأسعار، “لن يسحق التضخم المواطنين”.
وبحسب مصادر إعلامية تركية اليوم، قال أردوغان لوزير الزراعة والغابات فهيت كيريشي: “لم تُنشأ تعاونيات الائتمان الزراعي من أجل الربح”، وأمر بخفض الأسعار حتى يتمكن المواطنون من الشراء بأسعار معقولة، وذلك بعد أن استدعى أردوغان وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونمز إلى الاجتماع، طالباً التحقيق في أسباب انقطاع التيار الكهربائي، وأصدر تعليماته “باتخاذ الإجراءات اللازمة حتى لا يقع المواطنون ضحايا، وحتى لا يستمر انقطاع التيار الكهربائي على المدى الطويل”.
ويرى الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن الوقت قد حان، “بل تأخر”، لتدخل فروع أسواق التعاونيات الزراعية الحكومية، لأن ارتفاع الأسعار “بات لا يطاق” ملمحاً إلى استغلال بعض التجار ما أسماه الموجة العالمية والتحجج بارتفاع أسعار الطاقة، لكنهم لم يخفضوا الأسعار بعد تراجع أسعار الطاقة بتركيا خلال الفترة الأخيرة: “تراجع سعر البنزين نحو 30% خلال شهر”.
ويضيف أويصال في تصريحات لـ”العربي الجديد” أن التضخم التهم زيادتي الأجور، ولا بد من ملاحقة المحتكرين وزيادة تدخل الأسواق الحكومية عبر طرح سلع منافسة، لأن تراجع مستوى معيشة الأتراك قد يؤثر على خطة الدولة العامة، نظراً للأمراض الاقتصادية والاجتماعية التي يفرزها الفقر.
وكان معدل التضخم السنوي قد سجل أعلى مستوى منذ وصول حزب “العدالة والتنمية” إلى السلطة عام 2002 ببلوغه 79.6%، مرتفعاً بنحو 2.37% مقارنة بيونيو/حزيران الماضي.
وبحسب معهد الإحصاء التركي، فإن أسعار المستهلك ارتفعت 2.37% في يوليو/تموز الماضي مقارنة بالشهر السابق، وبنحو 45.72% عن ديسمبر/كانون الأول الماضي، لتبلغ نسبة التضخم السنوي، مقارنة مع يوليو 2021، نحو 79.60.
وتتزايد نسبة التضخم بتركيا متأثرة بالحرب الأوكرانية وتراجع مستوى معروض المنتجات، في مقدمتها الحبوب والزيوت وارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى التراجع المستمر بسعر صرف الليرة التركية التي فقدت أكثر من 35% من قيمتها العام الجاري.
وتستمر الليرة التركية بسلسلة تراجعها لتقترب، اليوم الخميس، من 18 ليرة للدولار الواحد، بعد أن تخطى سعر اليورو 18.3 ليرة ليسجل ثاني أعلى سعر مقابل الليرة التركية، بعد سعر 20 ديسمبر 2021 وقت تراجعت الليرة إلى نحو 18.3674 ليرة مقابل الدولار واقتربت من 19 ليرة مقابل العملة الأوروبية الموحدة.
المصدر: العربي الجديد
