لماذا انهارت الليرة التركية؟

4 سبتمبر 2018آخر تحديث :
العملة التركية
العملة التركية

تركيا بالعربي سجلت الليرة التركية يوم الجمعة الماضية 10 أغسطس تراجعاً قاسياً في قيمتها، فقد وصل سعر الليرة مقابل الدولار الى 6.86 ليرة طبقاً للبنك المركزي التركي.

إذ يعود شكل الأزمة الي عدة عوامل منها جيوسياسية واقتصادية بحتة. فتاريخ تذبذب الليرة التركية مرصود عبر السنوات الأخيرة، كما أن سياسيات الحكومة التركية لحل أزمة تثبيت الصرف على المدى المتوسط كانت غير فعالة، فموقع تركيا الاستراتيجي وسياساتها الخارجية تجعلها في محل تقلبات مهمة داخلياً، التي من البديهي أن تخلق تصدعات في قيمة صرف الليرة المحلي.

حيث فقدت العملة التركية نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام، وهو ما يرجع بشكل كبير إلى المخاوف المتعلقة بتأثير سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان على الاقتصاد ودعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم. كما أن انكفاف الحكومة التركية على وصف الأزمة بالمؤامرة عل تركيا، يزيد من حدة هبوط الليرة، الأمر الذي لا يحمل في طياته حلاً براغماتياً ولا يطمئن المستثمرين ولا البنوك بضخ أموالهم الي الأسواق التركية.

عالمياً، أدى هبوط الليرة التركية إلى انخفاض حاد لعملة جنوب أفريقيا وطفيف لليورو فرب ضارة نافعة، فهذا سيعزز الطلب القوي على العملات الرقمية على غرار شراء البيتكوين كفرصة مواتية للربح وحل اقتصادي قومي مثل ما ستشرع به دولة فينزويلا في أزمتها، الابتعاد عن تداول العملات التقليدية ذات التقلبات الحادة.

هبوط الليرة التركية هو معادلة من عدة عوامل لا تتجزأ

عجز الميزان التجاري حيث تستورد تركيا أكثر مما تصدر- تبلغ مقدار الواردات المقاسة بالدولار الأمريكي الي 122 مليار دولار من إجمالي الواردات التي تصل الي نسبة 58%. كما أن تقلب أسعار النفط يزيد تذبذب الباهظ على واردات الحكومة من النفط بالدولار الأمريكي، حي تستورد تركيا النفط بنسبة 90%، الذي يلعب دوراً محورياً في هبوط العملة منها فرض العقوبات الامريكية على أيران والاحداث الجيوسياسية في العراق وليبيا وسوريا.

أضف الى ذلك انخفاض الاحتياطات من العملات الاجنبية لدى البنك المركزي التركي، وعدم زيادة سعر الفائدة، مما يقلل الثقة للمستثمرين المحتملين. كما أن تدفقات الأموال الأجنبية من البنك المركزي التركي الي الخارج يضعف دعم الليرة ويسبب ضغوطات وانخفاض في قيمتها، التي تعد صمام دعم وتمويل العجز في ميزان المدفوعات البنك التركي.

الوضع الجيوسياسي- ثم هناك أيضا الأسباب السياسية، فتركيا تأثرت بالأوضاع الجيوسياسية في المنطقة والأزمة السورية وتوتر العلاقات التركية الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي.

كما أن الانقلاب العسكري الأخير زاد من تخوف المستثمرين وتحول تركيا الي ساحة غير مستقرة ناهيك عن الاحداث المجاورة للنطاق التركي، الاحداث والمواجهات الملتهبة في الشمال السوري وأزمة كركوك إقليم شمال العراق تجعل من تركيا في حالة حرب ولا استقرار، التي تثير المخاوف في الأسواق والتحوطات بالتوقف بضخ العملات الأجنبية الى الداخل التركي وعليه تهبط الليرة.

ناهيك عن فرض الولايات المتحدة الامريكية عقوبات اقتصادية برفع الضرائب الجمركية على الصادرات التركية الألومنيوم 20% والحديد الصلب 50% بنسبة، يأتي ذلك عقب أحتجاز القس الأمريكي آندرو برونسون، الذي قررت السلطات التركية وضعه تحت الإقامة الجبرية بعد سجنه لمدة 21 شهرا بتهمة دعم جماعة فتح الله غولن، التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز عام 2016. عليه صرح الرئيس الأمريكي ترامب ” علاقتنا مع تركيا غير جيدة هذه الأيام”
وعليه، صرح وزير المالية التركي براءت ألبيرق للسي ان ان، أن بلاده أعدت خطة عمل وستبدأ مؤسساتها في اتخاذ الإجراءات الضرورية صباح الاثنين 13 من أغسطس لتهدئة مخاوف الأسواق المالية، وذلك بعد هبوط الليرة الكبير مؤخراً.

اخيراً، تحتاج تركيا ليس إلى خطة اقتصادية فحسب بل الي سياسية داخلية مماثلة للخارجية، مستقرة، تضمن انتعاش السوق والذي تسمح ببث الثقة بالأجواء العامة وللمستثمرين، ومن ثم ادخار المزيد من العملات الأجنبية في احتياطاتها. غير ذلك ستظل تتأرجح ازمة الليرة حتى ولو بارتفاع طفيف، فتداعيات الأزمة هو جزء من عدة عوامل لا تتجزأ، قد تحتاج الي الوقت والمبادرات لتهدئة دول الطوق وتنظيم البيت التركي.

سهيل حدوث

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.