تعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم الجمعة بتطهير حدود بلاده مع سوريا من المقاتلين الأكراد قائلا إن أنقرة قد توسع نطاق عمليتها العسكرية الراهنة في شمال غرب سوريا شرقا حتى الحدود مع العراق وهي خطوة تهدد بمواجهة محتملة مع القوات الأمريكية المتحالفة مع الأكراد.
وفتح الهجوم التركي في منطقة عفرين السورية ضد وحدات حماية الشعب الكردية جبهة جديدة في الحرب الأهلية السورية متعددة الأطراف وأدى لتصعيد التوتر في العلاقات مع واشنطن.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب تنظيما إرهابيا لكن هذا الفصيل لعب دورا بارزا في الجهود التي قادتها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وقال إردوغان منذ بدء الهجوم الذي أطلقت عليه أنقرة اسم “عملية غصن الزيتون” إن القوات التركية ستواصل الاتجاه شرقا إلى منبج السورية وهو ما قد يجعلها في مواجهة القوات الأمريكية المتمركزة هناك.
وقال إردوغان “عملية غصن الزيتون ستستمر حتى تحقق أهدافها. سنطهر منبج من الإرهابيين…قتالنا سيستمر حتى لا يبقى أي إرهابي حتى حدودنا مع العراق”.
وأي تحرك للقوات التركية نحو منبج، الواقعة في منطقة يسيطر عليها الأكراد وتبعد نحو 100 كيلومتر شرقي عفرين، قد يهدد الجهود الأمريكية في شمال سوريا.
وللولايات المتحدة نحو ألفي جندي في سوريا ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وانتشرت القوات الأمريكية داخل وحول منبج حتى لا تهاجم القوات المدعومة من تركيا وتلك التي تدعمها الولايات المتحدة بعضها البعض كما قامت بمهام تدريبية في المنطقة.
وأغضبت واشنطن أنقرة بتوفيرها السلاح والتدريب والدعم الجوي للقوات الكردية السورية. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يشن تمردا مسلحا في تركيا منذ ثلاثة عقود.
وتساءل إردوغان “كيف يفعل شريك استراتيجي هذا بشريكه؟” في إشارة إلى الولايات المتحدة وأضاف “إذا كنا سنشن حربا على الإرهاب معا فلنقم بذلك معا أو سنقوم بذلك بنفسنا”.
خسائر بشرية
وعلى الرغم من أن الحملة دخلت الآن يومها السابع فإن جنود الجيش التركي وحلفاءهم من الجيش السوري الحر لم يحققوا مكاسب تذكر على ما يبدو بعد أن عرقلهم سوء الأحوال الجوية والدعم الجوي المحدود.
وقال وزير الصحة التركي اليوم الجمعة إن ثلاثة جنود أتراك و11 من حلفائهم من المعارضة السورية قتلوا في الاشتباكات حتى الآن. وأضاف أن 130 شخصا أصيبوا لكنه لم يذكر ما إذا كانوا من المدنيين أم المقاتلين.
وقالت تركيا إنها قتلت ما لا يقل عن 343 مسلحا منذ بدء العملية. وكانت القوات التي يقودها الأكراد ذكرت أن تركيا تبالغ في أعداد من قتلتهم.
وقال تحالف قوات سوريا الديمقراطية المدعوم من الولايات المتحدة وتقوده وحدات حماية الشعب الكردية إن 308 مقاتلين من الجانب التركي قتلوا في الأسبوع الأول من الحملة.
وأضاف أن 43 مقاتلا من عناصره لقوا مصرعهم بينهم ثماني نساء. وقال إن 134 مدنيا أصيبوا بينما قتل 59.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 38 مدنيا قتلوا منذ بدء العملية سقط اثنان منهم في قصف شنته قوات سوريا الديمقراطية.
وقال نوري شيخ قنبر رئيس الهلال الأحمر الكردي في عفرين إن سبعة أفراد من أسرة واحدة قتلوا وأصيب واحد حين انهار منزل نتيجة القصف التركي في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة ببلدة في منطقة عفرين.
إعادة النظر في السياسة الأمريكية؟
وقالت جلنار أيبت كبيرة مستشاري إردوغان للشؤون الدبلوماسية إن العمل العسكري الذي تقوم به أنقرة يجب أن يدفع واشنطن لإعادة النظر في سياستها ومعالجة المخاوف الأمنية التركية.
وأضافت في مقابلة مع رويترز “اللحظة التي تبدأ فيها تركيا استخدام قوتها العسكرية بدلا من القوة الناعمة في المنطقة، مهما بلغ تأزم العلاقات في تلك اللحظة، يجب أن تشجع واشنطن على التوقف والتفكير”.
وقالت “أعتقد أن الولايات المتحدة ستطرح بعض الحلول البديلة المرضية لتخفيف حدة المخاوف الأمنية التركية”.
وفي حين لم تذكر أيبت تفاصيل عما قد تنطوي عليه هذه الإجراءات فإنها قالت إنها ستنبع من مقترح طرحته الولايات المتحدة مؤخرا بإنشاء “منطقة آمنة” بشمال سوريا.
كانت تركيا قالت إن الولايات المتحدة عرضت العمل على إنشاء منطقة آمنة بطول 30 كيلومترا لكنها ذكرت أنه يجب عودة الثقة بين عضوي حلف شمال الأطلسي حتى يتم النظر في المقترح.
وقالت أيبت إن تركيا تعلم أن أي مواجهة ميدانية في منبج تنطوي على خطر دفع العلاقات إلى نقطة الانهيار.
وأضافت “الجميع يدركون هذا الخطر. نأمل أن يدركه الأمريكيون أيضا”.
ودعت السلطات الكردية التي تدير عفرين الحكومة السورية يوم الخميس إلى إرسال قوات للدفاع عن حدودها مع تركيا على الرغم من موقف دمشق الرافض لحصول الأكراد على حكم ذاتي.
كانت الحكومة السورية قالت إنها مستعدة لاستهداف الطائرات الحربية التركية في مجالها الجوي لكنها لم تتدخل حتى الآن.