تصريح عاجل بشأن هوية أحلام البشير

17 نوفمبر 2022آخر تحديث :
تصريح عاجل بشأن هوية أحلام البشير

شكلت التفاصيل الكثيرة للانفجار الذي وقع بشارع الاستقلال (وسط إسطنبول) عصر الأحد الماضي، وأوقع عشرات القتلى والجرحى؛ محاور لنقاشات متعددة في تركيا، لكنها تدور في الأغلب بين قطبين لا ثالث لهما؛ أحدهما الرواية الحكومية للحدث، والآخر حملة تشكيك واسعة في هذه الرواية وتفاوتت بين اتهام الحكومة بتنفيذ “مسرحية”، واستغلال الحدث في الدعاية الانتخابية.

واتهمت السلطات التركية حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية -المرتبطة به- بالوقوف وراء التفجير، مؤكدة أن المرأة المشتبه في تنفيذها العملية تلقت تدريباتها في منطقة عين العرب (كوباني) على يد أعضاء “الوحدات” التي تتزعم ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية” المسيطرة على مناطق واسعة شمال وشمال شرقي سوريا.

وأكدت الأجهزة الأمنية التركية أن المشتبه فيها أحلام البشير سورية الجنسية، ومنتسبة لحزب العمال الكردستاني، ودخلت تركيا عبر منطقة عفرين بطريقة غير شرعية، قبل نحو 4 أشهر من موعد العملية. ولفت وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إلى أنهم اعترضوا مكالمة هاتفية مصدرها القامشلي (حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية) يُوجّه فيها المتحدث خلية تابعة للتنظيم بقتل المشتبه فيها لمنع معرفة ملابسات الهجوم.

وأثارت التفاصيل التي أعلنتها مديرية أمن إسطنبول على مدار 24 ساعة من وقوع التفجير، وصولا إلى اعتقال المشتبه فيها، إضافة إلى نحو 50 مشتبها في تورطهم في العملية؛ الكثير من التشكيك من قبل معارضي الحكومة التركية.

الزج بالسوريين مجددا

وفي حين ركز البعض على أن ملامح المشتبه فيها أحلام البشير لا توحي بأنها سورية، مستدلين بذلك على أن رواية الأجهزة الحكومية متناقضة، ذهب العديد من المغردين الأتراك على تويتر إلى أن الجنسية السورية للمتهمة بتنفيذ التفجير تؤكد صحة مخاوفهم من بقاء اللاجئين السوريين في تركيا، وطالبوا مجددا بترحيلهم إلى بلادهم، ملقين اللوم على الحكومة لاستضافتهم.

من جهته، رأى الكاتب والخبير السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو والمقرب من الحكومة التركية أن “التشكيك في جنسية المنفذة ليست له أي قيمة”، مضيفا أن “الإرهابي إرهابي بغض النظر عن جنسيته وملامحه، إذ لا أحد يشكك في أن حزب العمال الكردستاني والمنتمين إليه إرهابيون بغض النظر عما إذا كانوا سوريين أو عراقيين أو أتراكا أو غير ذلك”.

وأوضح كاتب أوغلو للجزيرة نت أن تداول الحديث عن جنسية المتهمة بتفجير تقسيم يهدف إلى “تسييس” هذه القضية؛ في محاولة لإلقاء اللوم على الحكومة التركية، وأيضا استغلال ورقة السوريين في مواجهتها.

وتتنافس الأحزاب التركية على إحراز مكاسب في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو/حزيران المقبل، وتراهن المعارضة التركية على تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وفي حين نبّه كاتب أوغلو إلى أن “محاولة إلصاق التهمة بالسوريين والمعارضة السورية هي بالضبط الرواية التي تخدم المعارضة التركية”؛ ذهب إلى أن من أهداف هذه العملية “الزج بالسوريين والمعارضة السورية في التشويش على الحكومة التركية والناخب التركي”.

وكان صالح مسلم (زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السياسي للوحدات الكردية) قال -في مقابلة على قناة الشرق السعودية- إن أحلام البشير “ليست من مناطق الوحدات، ولا توجد سجلات بهذا الاسم”. مشيرا -في المقابل- إلى أن “صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل أعلام المعارضة السورية”.

وتعقيبا على ذلك، قال الكاتب التركي إنه “لا يمكن الاعتداد بتصريحات صالح مسلم، فهو داعم لمنظمة إرهابية ويترأس منصبا في حزب العمال الكردستاني”.

معلومات أولية غير قاطعة

من جهته، لفت رئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب في تركيا جلال دمير إلى أن تصريحات مديرية أمن إسطنبول تحدثت عن القبض على “المشتبه فيها وليس على الفاعلة بشكل قاطع”.

وشدد دمير (وهو مسؤول سابق عن مخيم للاجئين في تركيا) متحدثا للجزيرة نت على أن المعلومات التي نشرتها السلطات بشأن اسم المشتبه فيها وهويتها -خاصة كونها سورية الجنسية- “تبقى معلومات أولية وتستند إلى السجلات الرسمية، لكن المتهمة ربما تكون استعملت هوية مزورة”.

وفي حين أشار إلى أن ظهور هوية الفتاة أحدث صدى كبيرا في الشارع التركي، فقد قال إن ذلك -بجانب تصريحات صالح مسلم التي تستغل المسألة- “يظهر بجلاء أن هناك جهات تريد أن تحمّل مسؤولية الحدث للسوريين للتأثير على الانتخابات القادمة، وهو الأمر الذي يعد الهدف الأساسي من وراء هذا الانفجار.

ونفى قائد ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي -في تغريدة على تويتر- أي علاقة لقواته بتفجير تقسيم، رافضا الاتهامات التركية حول ذلك. كما نفت “وحدات حماية الشعب” و”الإدارة الذاتية” (الجهاز الذي تحكم من خلاله الوحدات الكردية المنطقة) الاتهامات.

من المستفيد؟

كما أعلن حزب العمال الكردستاني -الذي تضعه تركيا ودول أخرى على لوائح الإرهاب- عدم صلته بالتفجير، لكنه في الوقت نفسه اتهم السلطات التركية باللجوء إلى هذه الأساليب بسبب فشلها في التصدي لما سماه “النضال الكردي”، مكررا حديث بعض المعارضين الأتراك عن سيناريو “مسرحية”.

ورأى الكاتب والخبير التركي يوسف كاتب أوغلو أن الحديث عن أنها “مسرحية بدليل سرعة القبض على الفاعلين” يتناسى أصحابه أن تركيا أحبطت 200 محاولة تفجير هذا العام، وفق بيانات الداخلية التركية.

ولفت إلى أن التفجير حصل في مكان حيوي وإستراتيجي، في حين أن تركيا بشكل عام -وإسطنبول تحديدا- تتميز بكاميرات المراقبة التابعة للدولة والكاميرات الأخرى المزروعة في شارع سياحي بالدرجة الأولى.

وذكّر كاتب أوغلو بأن هذه ليست العملية الأولى لحزب العمال الكردستاني، متحدثا عن “سجل حافل للحزب باستهداف المدنيين والتفجيرات التي نفذها طيلة الأعوام السابقة”.

ورأى أنه من المفارقة أن هذه الرواية التي لم تقنع البعض لأنهم يعارضون الحكومة لا تصب أصلا في مصلحة الحكومة، فقد بدأت المعارضة التشكيك في قدرة الحكومة على ضبط الأمن و”تسييس” الموضوع باستحضار كون المنفذة سورية، كما أن المكان والزمان قد يشكلان ضربة للاقتصاد.

وقال “إذا فكرنا فيها من كل النواحي فإن المستفيد من الحدث ليس الحكومة بل المعارضة، ولنتذكر أننا على أبواب انتخابات”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.