هل نستطيع النجاة من انفجار قنبلة نووية؟

18 سبتمبر 2022آخر تحديث :
هل نستطيع النجاة من انفجار قنبلة نووية؟

هل نستطيع النجاة من انفجار قنبلة نووية؟

تركيا بالعربي – متابعات

تخيل انفجار قنبلة نووية في المدينة التي تعيش فيها، فهل من فرصة لك في النجاة حينها؟ سنحاول في هذا المقال معرفة آراء المختصين حول هذا الموضوع، من خلال تلخيص بعض نتائج مجموعة من الدراسات الرسمية، إضافةً لتلخيص مقابلة قامت بها live science مع مايكل ماي البروفيسور في جامعة ستانفورد، لذلك سأتوخى الأمانة قدر الإمكان في نقل ما قالوه، دون إضافات من قبلي، بل فقط مجرد تلخيص.

على الرغم من أن تأثيرات انفجار نووي على التربة الأمريكية سيكون مخيفاً ويؤدي إلى انطلاق كارثة عالمية أكبر، إلا أن هجوماً نووياً واحداً لن يكون عبارة عن موت محقق كما هو شائع عند العديدين حسب ما يقول ماي. بالإضافة إلى ذلك، فإن معدّلات النجاة تعتمد على إذا ما استخدمت الأسلحة من قبل أمة مسلحة جيداً كروسيا، أو دولة عادية ككوريا الشمالية والتي لديها ترسانة نووية محدودة، أو من قبل مجموعة إرهابية. كما أن معدلات النجاة ستعتمد أيضاً على مدى بعد الناس عن مركز الانفجار.

وعلى الرغم من أن معظم الناس يتخيلون ضمن سيناريو الحرب النووية دولتين تمطران بعضهما بأسلحة نووية مدمرتين الجيش والبنية التحتية ومصادر الطعام والماء و…الخ لدى كل منهما، إلا أن ماي يقول بأنه في الوضع الحالي (رغم التوترات الموجودة مع روسيا) فإن الاحتمال الأكبر هو أن يتم الهجوم باستخدام قنبلة قذرة وهي عبارة عن سلاح نووي مع القليل من المتفجرات والمخلفات الإشعاعية، أو هجوم منفرد من قبل دولة ككوريا الشمالية. وعلى الرغم من وجود نموذج أولي لدرع ضد الصواريخ النووية لدى أمريكا، إلا أن التكنولوجيا التي يعتمد عليها لا تعمل جيداً. ومع ذلك، فالسيناريو الأكثر احتمالاً هو ضربة نووية واحدة بدلاً من مئات الضربات التي ستترك أمريكا أرضاً قاحلةً.

رسم تخيلي (رقمي) لانفجار قنبلة نووية في مدينة مأهولة

ويتابع ماي، أنه لو تم استخدام سلاح وحيد، عندها فخارج المنطقة المركزية هناك احتمال عالٍ للنجاة. حتى في تحليلات سيناريو الحرب الباردة التي كانت تعتمد على حرب إبادة شاملة بين روسيا والولايات المتحدة، فغالباً ستكون النتيجة هي وفاة حوالي 40 مليون شخص من الجانب الأمريكي. وبالطبع، فالبنية التحتية وموارد الماء والطعام ستدمر غالباً في سيناريو يقود إلى كارثة.

المنطقة التي سيضربها انفجار قنبلة نووية بشكل مباشر

إن أسوأ الآثار ستكون في منطقة انفجار مدنيّة. فعلى سبيل المثال، إن سلاحاً نووياً مقداره 10 كيلو طن، أي ما يكافئ قنابل هيروشيما وناغازاكي، سيقتل مباشرةً حوالي 50% من السكان في دائرة قطرها (6.4) كيلومتر أو 4 أميال حول مركز الانفجار على الأرض، وفقاً لتقرير قدمته ورشة مشروع الدفاع الوقائي عام 2007، حيث ستكون الوفاة ناتجةً عن الحرائق والتعرض الشديد للإشعاع، إضافةً إلى الإصابات القاتلة.

فبعض الناس سيصابون بسبب ضغط الانفجار، في حين أن غالبية الناس سيصابون نتيجة انهيار المباني أو نتيجة الشظايا المتناثرة. أما المباني، فستنهار جميعها تقريباً أو تتضرر بشدة ضمن دائرة قطرها 1.6 كيلومتر حول مركز الانفجار. ووفقاً لنفس الدراسة، فالعديد من الناس سيفقدون أحد أطرافهم على الأقل، ولكن القليل فقط من الناس ستكون إصاباتهم ناتجة عن الحرائق التي تسببها الكرة النارية بعد التفجير. سيتعرض الناس في هذه المنطقة إلى مستويات عالية جداً من الإشعاع مما سيضطر فرق الإنقاذ المبكر للانتظار فترةً من الزمن كي ينخفض مستوى الإشعاع قبل أن تتدخل، وهذا يعني أن المساعدة التي سيتلقاها الناس في تلك المنطقة ستكون محدودة.

انفجار قنبلة نووية

مثل هذا الملاجئ تحمي في حال انفجار قنبلة نووية

وقد يتمكن الأشخاص الذين لديهم أقبية تحت الأرض في منطقة الانفجار الأساسية من النجاة من التفجير الأوليّ إذا لم يحدث سواه. بل حتى أن أولئك الذين يبعدون بمقدار 1.6 كيلومتر عن مركز الانفجار قد يمتلكون الوقت لزيادة فرص نجاتهم، لأن الضوء من التفجير ينتقل أسرع بكثير من أمواج الضغط والصدمة، مما يعني بأن الناس قد يكون لديهم القليل من الوقت لإغلاق أعينهم والابتعاد عن النوافذ ولكي ينخفضوا ويغطوا أنفسهم وفقاً لنفس التقرير المذكور.

الحطام النووي

إن الخطر التالي المباشر هو التعامل مع النشاط الإشعاعي. إذ عندما تنفجر قنبلة نووية، تقوم بسحق آلاف الأطنان من التربة مُشبعةً إياها بجسيمات مشعة ناتجة عن الانفجار. وهذه العملية هي ما يشكل السحابة الشهيرة التي تأخذ شكل الفطر. وبينما تعوم آلاف الأطنان هذه من القطع المشعة من الرماد والصخور والغبار باتجاه الأرض، فهي تصدر إشعاعاً.

الحطام الناجم عن انفجار قنبلة نووية

إن أكبر وأثقل جسيمات هذا الثلج النووي تستقر أولاً ويتم احتواؤها غالباً في منطقة الانفجار الأولية. أما الجسيمات الأصغر، فقد تحلّق بشكل أعلى وتطير إلى مسافات أبعد قد تصل إلى ما بين 16 و 32.2 كيلومتر وذلك مع اتجاه الريح. إلا أن نشاطها الإشعاعي الكلّي ينخفض بسرعة مع الزمن، وغالباً ما تستغرق هذه البقايا وقتاً طويلاً كي تستقر على الأرض. وفي غياب الثلج أو المطر- الذي يساهم في جعل هذه البقايا تهبط إلى الأرض بشكل أسرع- فإن هذه الجسيمات ستمتلك نشاطاً إشعاعياً بحدوده الدنيا عندما تصل إلى الأرض وفقاً لكتيّب (مهارات النجاة في الحرب النووية) الصادر عن مختبر أوكريدج الوطني عام 1987.

وبعد 48 ساعة من الانفجار، تصبح المنطقة التي تعرضت في البداية إلى حوالي 1000 رونتجن/الساعة من الإشعاع معرضة فقط إلى حوالي 10 رونتجن/الساعة من الإشعاع وفقاً لنفس الكتيّب الذي يقول أيضاً أن حوالي نصف الأشخاص الذين يتعرضون لجرعة إشعاع كليّة مقدارها 350 رونتجن عبر عدة أيام، غالباً ما سيموتون من التسمم الإشعاعي الحاد (إن صورةً عاديةً للبطن باستخدام الأشعة المقطعية (الطبقي المحوري) تعرّض الناس لجرعة إشعاعية أقل من 1 رونتجن).

ويمكن للأشخاص الموجودين في منطقة الانفجار أخذ بعض الاحتياطات لحماية أنفسهم لو كان لديهم علم مسبق بما سيحصل. على سبيل المثال، يمكن أن يختبئوا في مبنىً ذو دعائم قوية ومعزول جيداً بحيث يبقون بعيدين عن النوافذ ومستلقين على الأرض مغطين أجسادهم وينتظرون على الأقل 30 ثانية بعد الانفجار كي تمر موجة الصدم، وألا يغادروا ملجأهم حتى يصلهم خبر أنه من الآمن لهم الإخلاء. وبعد الانفجار يصبح على الناس خلع ملابسهم الخارجية والاستحمام إن أمكن للتخلص من الجسيمات المشعة.

انفجار قنبلة نووية

وفي حرب نووية شاملة قد يكون هناك تلوث للطعام على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، يمكن للحطام أن يهبط في الأراضي المزروعة مسبباً مشاكل على المدى البعيد كالسرطان كما يقول ماي. واليود المشع بالتحديد سيشكل مشكلة كبيرة لأن الأبقار تقوم بتركيزه في الحليب والأطفال يتناولون هذا الحليب مُركّزين اليود الذي فيه في الغدة الدرقية مما يؤدي إلى سرطان في الغدة الدرقية.

النبضات الكهرطيسية

تسبب الانفجارات النووية نبضات كهرومغناطيسية EMPs يمكن لها أن تسبب الضرر في العديد من معدات الاتصالات الالكترونية لاسيما في دائرة قطرها حوالي من 6.4 إلى 16 كيلومتر وذلك من أجل انفجار شدته 10 كيلو طن. ستتم إعاقة المركبات، والتشويش على أبراج الاتصالات، كما ستُدمر الكمبيوترات، بل وستدمر أيضاً الشبكتان الكهربائية والمائية. أما بالنسبة للقادمين من خارج المنطقة بمعدات إلكترونية سليمة فسيكونون قادرين على الاستمرار في تشغيل معداتهم، وذلك وفقاً لتقرير عام 2007 الذي ذكرناه سابقاً.

التحضيرات الممكنة لحدوث انفجار نووي

من ضمن الخطوات الاحترازية التي يمكن للناس القيام بها في حال توقع انفجار قنبلة نووية، فإنّ التخطيط والتنسيق لفِرق التدخل السريع سيكون له الأثر الأكبر على أعداد الضحايا. على أنه يمكن للأفراد القيام بخطوات وقائية بسيطة أيضاً. حيث يمكن للأثرياء ثراءً فاحشاً بناء الملاجئ، كما أنه حتى الأشخاص العاديين يمكن لهم اتباع خطوات تقلل من الضرر. بعض هذه الخطوات- كتخزين الطعام والمياه ومعدات الإسعاف السريع- ستكون مفيدةً في حالات طوارئ أخرى أيضاً.

هناك خطوات إضافية مخصصة لهجوم نووي بالذات. على سبيل المثال، الحماية التنفسية كأقنعة الوجه الرخيصة أو حتى الثياب التي يتم وضعها فوق الأنف والفم يمكن لها أن تخفض التعرض للإشعاع وفق التقرير الذي تحدثنا عنه. كما أنه من الضروري في حالة الهجمات النووية أن يتجهز الناس بأجهزة قياس لمستوى الإشعاع: فالناس الذين يريدون الخروج من ملاجئهم بعد الانفجار سيحتاجون لمعرفة أي من المناطق هي التي تمتلك مستويات خطرة من الإشعاع. وعدادات الإشعاع ليست مكلفةً كثيراً.

تتضمن نصائح سلامة أخرى ما يلي: احتفظ بجهاز راديو كي تبقى على اتصال مع العالم الخارجي. ويمكن لك وضعه في صندوق معدني لحمايته من EMPs إضافةً إلى وضعه في حقيبة بلاستيكية كبيرة مغلقة لحمايته من الرطوبة وفقاً للكتيّب الذي تحدثنا عنه أيضاً في الأعلى.

أراجيك

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.