تركيا.. خطوة للحد من العنصرية في المؤسسات الحكومية

1 يوليو 2022آخر تحديث :
تركيا.. خطوة للحد من العنصرية في المؤسسات الحكومية

تركيا.. خطوة للحد من العنصرية في المؤسسات الحكومية

تركيا بالعربي- متابعات

“لا يوجد أحد لم يتعرض لموقف عنصري في دائرة الهجرة في أورفا، سمعة هذه الدائرة منتشرة بين السوريين من ناحية المواقف العنصرية التي تحدث بها”، هكذا وصفت ياسمين (24 عامًا) في مقابلة لها مع عنب بلدي، المواقف العنصرية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في الدائرة.

وروت ياسمين (وهو اسم مستعار لأسباب اجتماعية) تفاصيل حادثة شاهدتها قائلةً “تعاملوا معنا كأننا أغنام، حشرونا في زاوية إحدى قاعات المراجعة رغم مساحتها الكبيرة، ودفعوا بكل من يحاول الابتعاد قليلًا أو النأي بنفسه عن هذا التجمع الإجباري، للبقاء في محيط صغير”.

وتزايد في الأشهر الأخيرة خطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، والذي لا يزال يصدر من بعض الشخصيات السياسية عبر بعض وسائل الإعلام التركية المعارضة والتي تعمل بانحياز واضح، توجهه العوامل والقضايا السياسية في البلاد.

الضخ الإعلامي والتحريض ضد اللاجئين خصوصًا والأجانب في تركيا على وجه العموم، يجد طريقًا سهلًا إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ويفاقم مشكلة تعرضهم لمواقف عنصرية فردية أو جماعية في مختلف مجالات الحياة اليومية.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، تعرض بعض اللاجئين السوريين في مختلف مؤسسات الدولة التركية، لمواقف عنصرية من قبل الموظفين، في أثناء مراجعتهم للقيام بإجراءات قانونية متعلقة بتحديث بياناتهم أو لاستصدار وثائق مختلفة من هذه المؤسسات.

تصرفات عنصرية من قبل موظفي الدولة

“عندما ابتعدت عن التجمع وجلست منتظرة دوري، توجهت نحوي إحدى موظفات الأمن لتسأل عن سبب رفضي (الانحشار) مع الآخرين”، أشارت ياسمين إلى رفضها الوقوف بهذه الطريقة “الهمجية” للانتظار في مركز هجرة أورفا، وقالت لعنب بلدي، “لم يعجبها قدرتي على مدافعتي عن نفسي وتحدثي اللغة التركية”.

الموظفة التي تعرضت لياسمين في المرة الأولى، ضايقتها في مراجعتها للدائرة في المرة الثانية، إذ “أصرت على الإطالة في إجراءات التفتيش عند مدخل الدائرة، والتمعن في الأغراض التي تحتويها حقيبتي وتفحصها بشكل مبالغ به، الأمر الذي دفع بموظف الأمن الآخر لردعها عن الاستمرار بهذه التصرفات ضاحكًا، مدركًا لما تقوم به”.

يرى من قابلتهم عنب بلدي خلال استطلاع للرأي في اسطنبول، أن التقدم بطلب شكوى في حال التعرض للعنصرية في تركيا، هو من حق كل لاجئ أو أجنبي مهما كانت جنسيته وعرقه.

كثير من السوريين لم يتعرضوا بشكل شخصي لمواقف عنصرية سابقًا، ولكن إما أقربائهم أو معارفهم تعرضوا لمثل هذه المواقف، كما قالت سارة لعنب بلدي خلال استطلاع للرأي أجرته في ولاية اسطنبول.

وتعتقد سارة أنه من الضروري على كل موظف في الدولة أن يدرك مسبقًا أن القيام بأي تصرف عنصري مع الأجانب هو أمر خارق للقانون.

حق التقدم بشكوى

هيئة حقوق الإنسان والمساواة التركية “TİHEK” أطلقت، الأسبوع الماضي، منصة إلكترونية خاصة بها على الإنترنت، تتيح للأجانب أو اللاجئين التقدم بشكوى رسمية في حال التعرض لأي تصرف عنصري من موظف أو دائرة حكومية.

تأسست مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة في تركيا “TİHEK” بموجب القانون رقم “6332” في عام 2012، لتحل محل مؤسسة حقوق الإنسان في تركيا (TİHK)، والذي نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 20 نيسان 2016.
مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة في تركيا، تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، ولها ميزانية خاصة وتتبع للوزراء.

 

تأسست لمكافحة التعذيب وسوء المعاملة بشكل فعال وللقيام بواجبها كجهة محلية بصدد حماية وتنمية حقوق الإنسان القائمة على كرامة الإنسان ، وضمان حق الأشخاص في المعاملة على قدم المساواة،ولمنع التمييز في الاستفادة من الحقوق والحريات المعترف بها قانونًا والعمل وفقًا لهذه المبادئ.

علي، لاجئ سوري يعمل في إحدى محال العطور في اسطنبول، قال إن إطلاق منصة كهذه ضرورية للحد من العنصرية، ولإعطاء اللاجئين فرصة للتقدم بشكوى وللحصول على حقوقهم، لافتًا إلى ان هذه الخطوة جاءت متأخرة.

في السابق، لم يتقدم علي بشكوى عند تعرضه لموقف عنصري في دوائر الدولةلعدم وجود جهة مسؤولة يلجأ لها، وأضاف، “نحن في بلاد الغربة نفتقر لجهة تمثلنا أو جهة نلجأ إليها عند حصول أي مشكلة معنا من هذا النوع، التوجه إلى الموظفين أو المدراء في هذه المؤسسات ليس له جدوى”، معتبرًا إلى أن المدراء أو المسؤولين لا يقومون بأي إجراء قانوني تجاه من يقدم على التصرف بعنصرية مع الأجانب.

إتقان اللغة يحد من التعرض للعنصرية

يتفق علي وياسمين ممن تحدثت إليهم عنب بلدي، على أن إتقان اللاجئ أو الأجنبي اللغة التركية من بين الأسباب التي من الممكن أن تحد من تعرضهم للعنصرية، وفي حال تعرضهم لها سيكون بإمكانهم الدفاع عن أنفسهم في المرتبة الأولى، ثم التقدم بشكوى عبر المنصة المستحدثة.

يتخوف بعض اللاجئين من التقدم بشكوى في مراكز الشرطة أو اللجوء لمدراء المؤسسات أو حتى المدارس لعدم إقحام أنفسهم بمشاكل ليست لها نهاية.

وبحسب ما قالته ياسمين، “أحاول قدر الإمكان حل مشكلتي بنفسي أو غض النظر عن هذه المواقف، حتى لا (يوجعني رأسي)”، وفق تعبيرها.

وفي حال معرفة موظفي الدولة بوجود هذا الموقع وإمكانية اللاجئين والأجانب بالتقدم بشكوى ضدهم في حال معاملتهم بعنصرية من الممكن أن يردعهم عن هذه التصرفات.

وأضاف علي، “وجود غرامة أو عقاب يزيد من احتمالية قلة هذه التصرفات من قبل الموظفين في المستقبل”.

ما العنصرية

عرّفت الأمم المتحدة مصطلح العنصرية، بحسب “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري“، بأنها “أي تمييز أو استثناء أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أو التمتع بها أو ممارستها”.

شروط التقدم بشكوى

بحسب ما أعلنت عنه الهيئة، فإنه يمكن لكل شخص بمفرده أو لأي منظمة أو وقف يدّعي أنه عانى من انتهاك حظر العنصرية والاحتجاز في السجون والمعتقلات ومراكز الترحيل، التقدم بشكوى إلى المنصة، كما يمكن للأشخاص الذين حُرموا من حريتهم في أماكن إقامتهم أو تم حجزهم التقدم إليها.

وحتى تكون الطلبات المقدمة بشأن حظر العنصرية المندرج في القانون رقم 6701، ووفقاً لـ”المادة 3″ من القانون، يجب أن تستند الشكوى إلى واحدة على الأقل من الأساسيات التالية: الجنس، والعرق، واللون، واللغة، والدين، والمعتقد، والمذهب، والرأي الفلسفي والسياسي، والعرق، بالإضافة إلى الأصل، والثروة، والميلاد، والحالة الاجتماعية، والحالة الصحية، والإعاقة، والعمر.

قبل التقدم بطلب إلى الهيئة، يجب على الأطراف المعنية أن تطلب تصحيح الممارسة التي يدّعون أنها مخالفة للقانون، وفي حالة رفض هذه الطلبات أو عدم الرد في غضون 30 يومًا، يمكن تقديم طلب إلى الهيئة.

مواضيع لا تشملها الشكوى

المعاملات المتعلقة بممارسة السلطات التشريعية والقضائية، وقرارات المجلس الأعلى للقضاة والمدّعين، والمعاملات المستبعدة من المراجعة القضائية بموجب الدستور لا يمكن أن تكون موضوع الطلب.

التقدم بشكوى عبر المنصة

أشارت الهيئة المختصة بقضايا حقوق الإنسان ومناهضة خطاب الكراهية والعنصرية في تركيا، إلى أن المشتكي سيتمكن من تقديم تفاصيل مثل مكان الواقعة وتاريخها واسم المديرية/ المؤسسة، وستقوم الهيئات المرافقة لها بمتابعة الأمر والتحقق منه.

وفي هذا السياق، يتم تقديم الطلبات إلى المؤسسة عن طريق ملء نموذج طلب الأشخاص الحقيقيين (أي الأفراد) في الرابط رقم 1 أو نموذج طلب الأشخاص الاعتباريين (أي المنظمات أو الأوقاف) في الرابط رقم 2، المرفق باللائحة والمنشور على الموقع الرسمي الخاص بالهيئة.

ويمكن تقديم الشكاوى من خلال الروابط الآتية:

https://ebasvuru.tihek.gov.tr/Giris.aspx
https://ebasvuru.ombudsman.gov.tr/

وتجب كتابة الطلبات أو تعبئتها بطريقة واضحة ومفهومة، وإرفاق المعلومات والوثائق، إن وجدت، المتعلقة بموضوع الطلب وتقديمها إلى الهيئة.

وبعد الضغط على الرابط الأول تظهر لوحة تطلب من المتقدم بشكوى إضافة معلومات الاسم وتاريخ الميلاد وعنوان البريد الإلكتروني وكود التحقق، ثم يتابع الخطوات أوّل بأول وفق النظام.

بنود يجب تضمينها في الطلب

يجب تضمين البنود التالية في الطلبات المقدمة إلى الهيئة:

1- إذا كان مقدم الطلب شخصًا حقيقيًا:

الاسم واللقب والتوقيع.

رقم الهوية لمواطني الجمهورية التركية، ورقم جواز السفر للأجانب، والجنسية ورقم الهوية، إن وجد.

عنوان المواطن أو العمل.

المؤسسات والمنظمات العامة التي يتم تقديم الطلبات ضدها والأشخاص الحقيقيين والكيانات القانونية.

تاريخ تقديم الطلب إلى الطرف المعني وتاريخ رد الطرف المعني.

عنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف والفاكس للإخطار إن وجد.

2- إذا كان مقدّم الطلب شخصية اعتبارية:

  • اسم الجهة
  • العنوان الرئيسي لمقدّم الطلب ورقم الهاتف وعنوان البريد الإلكتروني.
  • الاسم واللقب والمسمى الوظيفي والتوقيع، إن وجد، عنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف والفاكس للشخص المخوّل.

إذا تم تقديم الطلب من قبل الممثل القانوني أو محامي مقدم الطلب؛ الممثل القانوني أو المحامي:

  • الاسم واللقب والتوقيع.
  • رقم الهوية لمواطني جمهورية تركيا.
  • رقم جواز السفر والجنسية ورقم الهوية، إن وجد، للأجانب.
  • عنوان الموطن أو العمل للإخطار.
  • إذا كان متاحًا، عنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف والفاكس للإخطار.
  • وأكدت الهيئة عدم تحصيلها أي رسوم من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الذين يتقدّمون بطلب إلى المؤسسة.

ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و684 ألفًا و884 لاجئًا سوريًا، بموجب “الحماية المؤقتة”، بحسب أحدث إحصائيات المديرية العامة لرئاسة الهجرة التركية.

بينما يبلغ عدد الأجانب المقيمين في تركيا والحاصلين على تصاريح إقامة مليونًا و425 ألفًا و789، بحسب أحدث إحصائيات المديرية العامة لرئاسة الهجرة التركية.

المصدر: عنب بلدي – نسيبة علوني

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.