الدليفري في اسطنبول.. شاب سوري يروي عشقه لهذه المهنة

1 يوليو 2022آخر تحديث :
ديلفري
ديلفري

“الدليفري” في اسطنبول.. اندماج شاب سوري مع الدراجة النارية

“ما بفكر بمخاطرها أبدًا، لأن حبي لمهنة التوصيل، نابع من محبتي لقيادة الموتور”، هكذا وصف الشاب عبد الودود (23 عامًا) في حديثه إلى عنب بلدي، سبب قصة شغفه بالدراجة النارية، والتي دفعته للعمل في مهنة توصيل الطلبات (الدليفري) في تركيا.

تشهد تركيا نشاطًا في مهنة الـ”دليفري” في العديد من القطاعات، لا سيما في أماكن تناول الطعام والشراب مثل المطاعم والمقاهي، وتخدم هذه الميزة ملايين الأشخاص سواء كانوا مواطنين أو سياحًا أو لاجئين.

رغم وجود مخاطر يومية تلاحق راكبيها، تعتبر الدراجات النارية حلًا لتجاوز ازدحام المدينة الصاخبة، سواء للتوصيل أو للاستخدام الشخصي.

المطبّات ليست في الشارع فقط

“البداية كانت صعبة، بدأت دون امتلاك شهادة أو موتور على حسابي، دفعت عدة مخالفات مرورية حتى حصلت على شهادة قيادة”.

بدأ الشاب يعمل بخدمة توصيل الطلبات مع بداية فترة الحظر التي أطلقتها الحكومة التركية كإجراءات وقاية للحد من انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) عام 2020.

وبسبب إجراءات الحظر التي أجبرت عبد الودود على ترك عمله كمدير لمستودعات تحوي مواد أساسية لتصنيع الحلويات من طحين وغيرها، وجد فرصة للعمل في توصيل الطلبات في أحد المطاعم بعد رحلة بحث استمرت لشهر.

مخالفات مرورية عديدة كلّفت الشاب غرامات مالية مختلفة، من عدم ارتداء خوذة، إلى عدم امتلاك شهادة، أو تصريح عمل يتيح له ممارسة المهنة كونه أجنبي (غير تركي).

استخرج عبد الودود رخصة قيادة (الشهادة) تجنبًا لأي مخالفة جديدة، وكلّفته حوالي ثلاثة آلاف ليرة تركية قبل سنة تقريبًا، عن طريق التسجيل في إحدى مدارس تعليم القيادة المنتشرة في اسطنبول، التي توفر التعليم باللغة العربية.

دراجة نارية في أحد شوارع مدينة اسطنبول- 30 حزيران 2022 (عنب بلدي)

“الموتور” ثقافة وموروث!

“الموتور عنا شي أساسي، نازل على دفتر العيلة”، أوضح عبد الودود أن حبّه وشغفه بالدراجة النارية لم ينشأ حديثًا، إذ اعتاد الشاب المنحدر من مدينة كفر تخاريم شمالي إدلب، قيادة الدراجة منذ صغره.

اشترى عبد الودود دراجة نارية لنفسه بعد سنة ونصف من عمله في المهنة، ليستطيع العمل والحصول على راتب أعلى، وقيادتها خلال أيام عطلته والخروج إلى الأماكن العامة والشوارع التي أصبحت جزءًا من حياة الشاب.

وأضاف الشاب أن ما أسماه “ثقافة اقتناء الموتور” منتشرة جدًا في مدينة إدلب وأريافها، وغالبية العائلات تملك أكثر من دراجة نارية واحدة وبعضها يملك دراجات بحسب عدد أفراد الشباب في العائلة، مشيرًا إلى أن عائلته كانت تملك دراجتين مع تفكير والده بشراء دراجة ثالثة لشقيق عبد الودود الأصغر.

وتنتشر الدراجات النارية بشكل كبير في مدينة إدلب وأريافها، وتعتبر وسيلة نقل أساسية في كل منزل، بالإضافة إلى التعويل عليها في تأمين حاجيات الأهالي ونقل متطلباتهم من خضروات وغيرها.

ولا يقتصر الأمر على أهالي إدلب الذين يعتمدون، كما كثيرون في الريف السوري، على الدراجات النارية في تنقلاتهم لسهولة حركتها في الأزقة وضمن التجمعات، وكونها اقتصادية أكثر من بقية وسائل النقل، سواء أكان ذلك بكمية الوقود التي تستهلكها أو حتى الأعطال التي قد تتعرض لها.

دراجة نارية في أحد شوارع مدينة اسطنبول- 30 حزيران 2022 (عنب بلدي)

الصعوبات ليست عائقًا

الشاب الذي يقيم في تركيا منذ ثماني سنوات، أصرّ على مواصلة عمله رغم المخاطر اليومية التي تواجهها هذه المهنة في مدينة اسطنبول، من ساعات عمل طويلة، وازدحام المروري وحوادث السير، وحالة الطقس المتقلبة.

بدأ عبد الودود يعمل بمعدل 12 ساعة يوميًا، في أحد المطاعم السورية في منطقة الفاتح في القسم الأوروبي لمدنية اسطنبول، وبيومي عطلة فقط خلال الشهر، ثم انخفضت ساعات العمل لتصبح عشر ساعات يوميًّا.

ونقل الشاب بعض الصعوبات التي يواجهها منها نسبة الحوادث المرتفعة في شوارع المدينة، وتعرّضه لعدة حوادث أكثرها حدة جعلته يتوقف عن العمل ثلاثة أيام، حتى يزول ألم الرضوض التي تعرّض لها.

الصعوبات التي تواجه المهنة في فصل الشتاء، وعزوف العديد من عمال التوصيل عن العمل، لم تشكّل عائقًا أمام عبد الودود الذي قال إنه لم يتوقف عن العمل حتى في حالات تساقط الثلوج الشديدة.

واصل الشاب عمله في فصل الشتاء واصفًا العمل بـ”المغامرة” لكن ضمن نطاق الأحياء الصغيرة، رغم إعلان الولايات التركية بشكل متكرر عن وقف عمل خدمة التوصيل مع سوء الأحوال الجوية، مع فرض غرامات على المخالفين، تجنبًا لتسجيل أي أضرار سواء بشرية أو مادية جراء وقوع حوادث مرورية.

وذكر عبد الودود أن مكالماته مع عائلته المقيمة في سوريا، لا تخلو من الوصايا بالانتباه إلى نفسه والطريق، وحتى ترك المهنة.

دراجة نارية في أحد شوارع مدينة اسطنبول- 30 حزيران 2022 (عنب بلدي)

ثمّة منغصات

رغبة الشاب للعمل رغم الصعوبات والمخاطر لم تمنعه الشكوى من بعض القضايا التي ترهقه، كارتفاع الأسعار الذي تشهده تركيا بشكل يومي.

رغم أن عبد الودود لا يتقاضى راتبًا شهريًا، إنما بشكل يومي، فالاتفاق مع صاحب المطعم يرضي الطرفين، ترتفع أسعار المحروقات بشكل أسبوعي، الأمر الذي يؤثر على هامش توفير الشاب مما يتقاضاه.

وتشهد أسعار المحروقات في تركيا ارتفاعًا متكررًا، يقابله انخفاض طفيف، متأثرة بأسعار النفط العالمية، وكذلك بسعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي.

وبلغ سعر ليتر البنزين ما يقارب 27.25 ليرة تركية، بحسب آخر نشرة أسعار اليوم، الخميس 30 من حزيران، ولامس سعر صرف الدولار الأمريكي 16.70 ليرة تركية، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات النقدية.

بحكم ساعات العمل الطويلة، وشوارع اسطنبول التي “تأكل من عمر الموتور” حسب وصف الشاب، تحتاج الدراجة النارية إلى صيانة بشكل دوري، ما يحمّل عبد الودود أعباء مالية أكثر.

صيانة العطل نفسه في الدراجة يتكرر دائمًا بسبب قلة خبرة من يعمل بالتصليح في المنطقة التي يسكنها الشاب، والذي تحدّث عن قلة محال تصليح الدراجات أيضًا، والتي لا تقارن بمحال صيانة وتصليح السيارات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.