سوريون في ماردين التركية: لم نشعر بالغربة والعنصرية أبداً

30 يونيو 2022آخر تحديث :
سوريون في ماردين التركية: لم نشعر بالغربة والعنصرية أبداً

سوريون في ماردين التركية: لم نشعر بالغربة والعنصرية أبداً

تركيا بالعربي -متابعات

افتتح السوري “محمد ماردينلي” بقالية في مدينة ديار بكر التابعة لولاية ماردين في جنوب شرقي تركيا، التي لجأ إليها بعد أن هجّرته الحرب من بلاده قبل أكثر من عقد من الزمن. ويحاول اليوم الاستقرار والتمسك بالحياة الآمنة هو وأسرته بالرغم من الصعوبات المحيطة باللاجئين السوريين في تركيا بصورة عامة.

صحيفة دوفار/ Duvar التركية نشرت اليوم الخميس تقريراً سلطت فيه الضوء على تجربة محمد الذي هُجّر من مدينة حلب قبل نحو 11 عامًا واضطر إلى اللجوء إلى تركيا، لتعكس من خلاله حال بقية السوريين المقيمين في ماردين.

وتشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين السوريين الذين هُجّروا إلى تركيا بلغ 3 ملايين و 754 ألفاً. ومن بين أولئك الناجين، كان محمد ماردينلي الذي لجأ إلى ماردين واستقر في ديار بكر عام 2011، ثم فتح لنفسه محلاً صغيراً لمواصلة حياته. يقول ماردينلي: “ذات ليلة اضطررنا إلى ترك كل ما لدينا وراءنا والهرب. الحياة صعبة على المواطنين هنا، لكنها أصعب علينا (كسوريين)”.

“سوريا الآن بلد لا يمكن العيش فيه”

وتنقل الصحيفة عن بعض السوريين اللاجئين في ماردين وهم يتحدثون عن تجاربهم فيها، على النحو التالي:

“بعد الحرب، كان من المستحيل علينا البقاء في سوريا. لم نكن نعرف مَن يقاتل مَن، ومن أجل ماذا، أو من أجل مَن! الناس كانوا يقتلون كل يوم”.

يقول ماردينلي: “لقد فقدت أمي وأبي في الحرب. سوريا لم تعد بلداً يمكننا العيش فيه، فالكل يقتل الجميع، وكثير منهم أبرياء. كان الحل الوحيد هو الخروج من هناك وإنقاذ حياة عائلتي. كنت أعيش في مدينة حلب مع عائلتي. وذات ليلة تركت كل شيء، وظيفتي وثروتي، والأهم من كل ذلك الأرض التي ولدت وترعرعت فيها، وأتيت إلى تركيا”.

كان ماردينلي يعمل في بيع قطع الأنتيكا والتحف الشرقية في حلب، لكنه لم يستطع مواصلة عمله هنا كونه غير مطّلع على الاقتصاد التركي. ويوضح أن أهل الحي الذي يقيم فيه بديار بكر، نصحوه بفتح محل بقالة صغير.

ويضيف ماردينلي: “كان علي التمسك بالحياة بطريقة ما. الظروف المعيشية صعبة للغاية بالنسبة للمواطن العادي (التركي)، لكنها أكثر صعوبة بالنسبة لأشخاص مثلنا. عليك أن تكافح من أجل البقاء كأجنبي في مدينة لا تعرف فيها اللغة والثقافة وأسلوب الحياة”.

“لم نتعرض لمواقف عنصرية في ماردين”

وفي تعبيره عن الخوف من الهجمات العنصرية ضد اللاجئين، يقول ماردينلي: “نرى في الأخبار أحياناً أن هناك اعتداءات على اللاجئين. هذا أخافنا وجعلنا نتساءل: هل سنختبر الشيء نفسه هنا، وهل سيقتحمون منزلنا؟ لكن بعد افتتاح المحل، لم يتعرض أحد لي أو لعائلتي ليوم واحد. دعم الأشخاص الذين يعيشون في هذا الحي رائع، وقد تمكنت من فتح هذا المكان جزئياً بفضلهم “.

“نعتبر أنفسنا (ديار بكريين) في ماردين”

لم يواجه ماردينلي أي هجوم أو سلوك عنصري ضد اللاجئين السوريين. ويقول: “أعتقد أن هذا هو ما يميّز ديار بكر عن المدن الأخرى. بصرف النظر عن العرق أو البلد الذي تنتمي إليه، لا أحد متحيز ضدك. نشأ طفلاي في هذه المدينة وأرسلتهم إلى مدارسها. يلعب أطفالي مع أطفال الناس هنا كل يوم. الآن نعتبر أنفسنا (ديار بكريين) لأن هذه المدينة والناس هنا احتضنونا. فمنذ اليوم الأول الذي جئنا فيه لم نشعر قط بأننا غرباء”.

“من الصعب العودة إلى سوريا”

الحرب لم تنته منذ 12 عاماً، يضيف ماردينلي: “وكل يوم أصبحت دول أخرى متورطة في هذه الحرب. لا أحد يريد أن يفكر في وضع الناس هناك وما الذي يمرون به، فالجميع يفكرون بمصالحهم الخاصة، أما نحن فكان علينا الفرار من وطننا”.

وفي تعليقه على تصريحات قادة الأحزاب السياسية بشأن ترحيل اللاجئين من تركيا، يلخص ماردينلي وضع اللاجئين قائلاً: “لا توجد نهاية للحرب. وإن لم تنته، فلا يمكنك إجبار أحد على الموت. لقد نجونا من الموت، وأنا لن أقتل أطفالي بإعادتهم إلى الموت مجدداً. سأستمر في العيش هنا ما لم يجبروني على العودة”.

ويختم ماردينلي حديثه بالقول: “توفيت هنا واحدة من أخواتي، وأطفالي يتعلمون ثقافة هذا المكان. كيف نذهب إلى مكان لم تنته فيه الحرب؟ الآن أصبحت هذه الأراضي جزءاً منا ونحن جزء منها. مثلما كان من الصعب علينا مغادرة بلدنا عندما اندلعت الحرب، سيكون من الصعب علينا المغادرة اليوم”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.