ساعة الصفر.. العملية العسكرية التركية في الشمال السوري

5 يونيو 2022آخر تحديث :
الرئيس أردوغان وقادة الجيش التركي
الرئيس أردوغان وقادة الجيش التركي

أشار أردوغان في حديثه إلى اجتماع مجلس الأمن القومي، والذي عقد يوم 26 مايو/أيار، وذكر في البند الثاني من بيانه الختامي أن العمليات التي أجريت “والتي ستجرى” لإزالة خطر الإرهاب عن الحدود الجنوبية لتركيا لا تستهدف سيادة الدول الجارة ولا وحدة أراضيها، مما يُعدُّ إشارة لعملية مرتقبة من جهة وتطمينات لمختلف الأطراف من جهة ثانية.

كما أن التقارير الميدانية من المناطق الحدودية تقول إن القوات المسلحة التركية تعمل على استكمال الإعداد للعملية، حتى أن أحد أهم المراسلين الميدانيين نقل عن مصادر عسكرية أن عملية الإعداد بلغت زهاء 90% من المطلوب لإطلاقها.

لكن، من جهة أخرى، من المهم الإشارة إلى أن الإعداد للعملية ومتطلباتها ليست عسكرية لوجستية فقط وإنما ثمة شبكة أمان سياسية مطلوبة تتعلق بتسويغ العملية وقبول مختلف الأطراف المنخرطة في القضية السورية بها وعدم إعاقتها لها. في هذا الإطار، قرئ تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن نية الولايات المتحدة تقسيم سوريا من خلال دعم “الأكراد” وأن تركيا “لا يسعها البقاء متفرجة على ذلك” كإشارة على موافقة ضمنية أو ضوء أخضر روسي لعملية تتجه نحو شرق الفرات.

وبالتالي، يمكن القول إن التلويح بالعملية هدفه الرئيس الضغط على كل من موسكو وواشنطن وتذكيرهما بالتزاماتهما وفق التفاهمات السابقة، وبالتالي يمكن -على سبيل الاحتمال- توقع حصول تفاهمات جديدة قد تؤجل العملية في الوقت الراهن إن حققت الحد الأدنى من المطالب التركية.

لكن أنقرة أثبتت كذلك سابقاً أنها لا تنتظر موافقة كاملة من الولايات المتحدة وروسيا وأنها يمكن أن تشن عمليات عسكرية رغم معارضتهما إذا ما رأت أنها ضرورة لأمنها القومي، وهو ما يجعل الحديث المستجد عن العملية العسكرية مختلفاً عن سوابقه ويجعل احتمالات إطلاق العملية أكبر بكثير من السابق. ويدعم هذه الفرضية أن الظروف سالفة الذكر قد تدفع الولايات المتحدة على وجه التحديد للسكوت عن العملية، وعدم العمل على إيقافها أو تصعيبها بشكل عملي.

وبالنظر للرؤية التركية والعمليات السابقة وخصوصاً “نبع السلام” تأتي تل رفعت ومنبج في مقدمة المناطق التي يمكن أن تستهدفها العملية التركية المرتقبة، فضلاً عن عدة مدن وبلدات على الشريط الحدودي شرق الفرات مثل عين العرب/كوباني وعين عيسى وغيرهما.

وبالعودة إلى التصريحات التركية السابقة بالرغبة في إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود حتى الحدود العراقية، فإن ذلك يعني احتمالين رئيسين: عملية كبيرة وموسعة أو عدة عمليات محدودة مع ما قد يرافقها من اتفاقات وتفاهمات مع واشنطن على وجه الخصوص.

ولذلك، وبالنظر للمعطيات الميدانية والسياسية، يمكن القول إن عملية موسعة تستهدف كامل المنطقة المشار لها مستبعدة في الوقت الراهن، لكنها تبقى بالنسبة لأنقرة أهدافاً مرحّلة مؤقتاً ولكن في صلب الرؤية المستقبلية، بانتظار نضوج الظروف المثلى لتحقيقها وفق إستراتيجية الخطوات المتدرجة التي يبني بعضها اللاحق على السابق.

ختاماً، وفي كل الأحوال، فإن اللحظة الحالية بالنسبة لأنقرة تحمل فرصة غير مسبوقة لتحقيق نقاط إضافية في صالح رؤيتها في مواجهة “العمال الكردستاني” وأذرعه في سوريا. وإن كان لا ينقص أنقرة القدرات العسكرية على شن العملية، إلا أنها تتوخى الظروف السياسية الأفضل لها، إذ ذلك أجدر أن تكون فرص نجاحها أكبر وخسائرها المحتملة أقل، لا سيما وهي تواجه بشكل غير مباشر كلاً من موسكو وواشنطن، والأخيرة على وجه التحديد قادرة على نزع فتيل العملية إذا ما قدمت لأنقرة ما يرضيها بالحد الأدنى مرحلياً.

المصدر: الجزيرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.