عام على رحيل ميشيل كيلو ووصيته للسوريين

21 أبريل 2022آخر تحديث :
ميشيل كيلو
ميشيل كيلو

عام على رحيل ميشيل كيلو ووصيته للسوريين

ترك المعارض السوري ميشيل كيلو وراءه إرثًا سياسيًا وفكريًا لأجيال من السوريين، بعد رحيله في نيسان عام 2021.

تاريخ طويل من الفكر الأدبي والسياسي امتازت به مسيرة ميشيل كيلو، ولم تنته حتى بعد رحيله.

كتابان قيد الطباعة والنشر

قالت شذى كيلو، ابنة الراحل، في حديث إلى عنب بلدي، إن كتابًا كان يعمل عليه ميشيل كيلو قبل نقله إلى المشفى بتاريخ 18 من نيسان 2021، بعنوان “الصراع على سوريا، الثورة السورية وبيئتها الدولية”.

وبفضل جهود أصدقائه دقق الكتاب لغويًا وجرت مراجعته، ويتحضر الآن للطباعة، وسيصدر بالتزامن مع ندوة علمية ستعقد الشهر المقبل في باريس بمناسبة الذكرى السنوية لرحيله.

كما تحدثت شذى عن اقتراب نشر كتاب آخر، وهي رواية بعنوان “مزار الدب” كتبها ميشيل كيلو في باريس في نهاية الثمانينات.

وكانت الرواية مفقودة في أثناء حياة ميشيل وجدت بعد رحيله، وهي الآن في دار “الجديد” للنشر، وستصدر قريبًا.

وأكدت شذى عملها على توثيق مئات المقالات وعدد كبير من التسجيلات والمقابلات يجري نشرها وتصنيفها على موقع إلكتروني، تعتبر “ثروة فكرية ضخمة تحتاج إلى التوثيق”.

وشارك عدد من أصدقاء كيلو في الذكرى الأولى لرحيله في ندوة عامة للمشاركة في تكريمه، وتذكره كصديق ومثقف ومناضل من أجل الحرية والمواطنة والديمقراطية”.

صديق الستينيات

الدكتور في جامعة “السوربون” الفرنسية، والرئيس السابق لـ”المجلس الوطني السوري”، برهان غليون، قال عن رفيق دربه، ميشيل كيلو، خلال الندوة، إنه تعرف على ميشيل كيلو بعد عودته من ألمانيا عام 1969، ونفذا عدة مشاريع أولها إصدار مجلة الثورة الفلسطينية عام 1969، كمشروع سوري لأنها تكونت من أربعة سوريين.

وأنشأ بعدها خطًا سوريًا عربيًا مفتوحًا عن موضوع تحول السلطة في سوريا، كان فيها مشروعًا ينتقد نظام الحكم.

وشكلا “فريق العمل الاشتراكي” والذي صدر عنه دراستين مهمتين، تحليل ونقد للنظام في مجلة “الجبهة الديمقراطية”.

وتابع غليون، إن ميشيل كيلو هو من أبرز الشخصيات الثقافية والسياسية للمثقفين السوريين خارج سوريا، وأحد رموز سوريا “الحية والديمقراطية والحرة”.

خصائص شكلت شخصية كيلو

بحسب برهان غليون، كوّنت ثلاث خصال شخصية المعارض ميشيل كيلو:

الشعور العميق بالمسؤولية العامة الجمعية

ترتبط حياته بأن يخدم القضية على عكس ما كان سائدًا في الحياة السياسية في سوريا سابقًا، دون أي شيء آخر، كقوله “هذه قضيتنا ونحن المعنيون فيها ولا يمكن أن نتركها”.

إنسانيته بعلاقاته الاجتماعية

يتعامل ميشيل بنفس السوية الإيجابية مع كل الناس على اختلاف أعمارهم وآرائهم بود وحميمية وإيجابية، مع الاعتراف بإمكانيات الناس وخصالهم.

الشجاعة الأدبية

بمعنى عدم تردده بقول كلمة الحق التي تقود للعدالة، فكان لدى ميشيل كيلو ثقة كبيرة بنفسه.

ودعا غليون الجيل الناشئ من السوريين إلى التمثل بالقيم بالرموز الكبيرة التي كان يمثلها ميشيل وأمثاله.

التحام القضيتين السورية والفلسطينية بنظر كيلو

ومن جهته، قال رئيس قسم الحكم والفكر السياسي، أسعد غانم، في الندوة، إن كيلو يؤمن بالعلاقة المتلاصقة حد التماهي بين الفلسطيني والسوري، في الثقافة والاجتماع والسياسة في سموها وانحطاطها.

وأضاف غانم أن “نضال ميشيل كيلو لم يكن سوريًا ولا فلسطينيًا فقط، بل كان عروبيًا وعربيًا بامتياز… قيم العدالة التي طالب بها بدمشق هي نفسها التي يطالب بها في الدار البيضاء والرياض والخرطوم وليبيا وغزة والناصرة والقدس.. إنها أساس مشروع عربي نهضوي حقيقي”.

واعتبر غانم أن كيلو مشى على طريق من سبقه في ذلك من عشرات وعلى رأسهم عبد الرحمن الكواكبي الحلبي السوري العروبي، في “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”.

أدرك ميشيل كيلو بالعقل والقلب، بالتعلم والسليقة، بأن لا خيار ومستقبل لهذه الأمة غير الخيار الديمقراطي، بحسب غانم، موضحًا أن “أي خيار قومجي وإسلاموي وشيوعي ويساري أو يميني، نفطي ريعي أم إفقاري جاهلي، لا يصح ولا يمكن أن يكون أداتنا للتغيير ولمستقبل معقول لأبنائنا.. كل هذا صحيح سوريًا وفلسطينيًا، وعربيًا، مجتمعين أو مفرقين”.

“لا” المتمردة

“إذا كان لسوريا من صوى في تاريخ كفاحها من أجل الحرية فإن ميشيل صوة (حجر يعتبر معلمًا في الطرقات يستنار به) على درب التاريخ، وهو وعي الحرية لذاته”، بحسب ما قاله المفكر والأكاديمي الفلسطيني- السوري، أحمد البرقاوي، في الندوة.

وهؤلاء الذين كانوا فاعلين في تاريخ وعي الحرية وممارستها يصبحون معان ومفاهيم ينيرون المسار والطريق إلى الأجيال القادمة، بحسب البرقاوي.

ووصف البرقاوي السيرة الذاتية لميشيل بأنها السيرة الذاتية ذاتها، لمسار حرية الشعب في بلاد الشام من أجل الحرية، وهي لم تنفصل أبدًا عن فكرة الحرية والحياة من أجل الحرية والحياة من أجل كرامة الإنسانية.

اعتمد كيلو “لا الحرة”، بكل دلالات كلمة “لا” التي تعبر عن التمرد الخلاق من أجل الوطن، أيًا كانت جنسيته سوريًا أم لبنانيًا أم فلسطينيًا.

وكانت الـ “لا” عند ميشيل واضحة، لا لبس فيها، ولهذا لم يتحجر في هوية أبدية واحدة ولم يرث هويته من أحد، لأن هويته الحرة لا تقف عند حال من الأحوال، كانت شيوعيته بوصفها موقفًا أخلاقيًا يساريًا.

وانتقل ميشيل من موقفه اليساري وبقي على موقفه الإنساني، عندما ارتبطت الشيوعية بأيديولوجية الاستبداد لأن فكرة الحرية هي الأساس فيما يذهب إليه ميشيل كيلو.

مسيرة من العمل السياسي

كيلو معارض ليبرالي علماني وكاتب ومترجم. ولد في مدينة اللاذقية عام 1940، وكان عضوًا في الحزب الشيوعي السوري ومن أبرز المعارضين لحكم عائلة الأسد منذ عقود.

اعتقله الرئيس السابق، حافظ الأسد، بين عامي 1980 و1983، ثم اعتقله نجله، بشار الأسد، عام 2006، ليسجن ثلاث سنوات بموجب حكم من المحكمة العسكرية عام 2007.

شارك كيلو في الحراك الذي شهدته مطلع الألفية مع وصل بشار الأسد إلى الحكم، خاصة في “ربيع دمشق” قصير الأمد بين عامي 2000 و2001، و”إعلان دمشق” عام 2006.

وبعد ثورة 2011، انتقد التعامل الأمني للنظام السوري مع المتظاهرين، ليغادر سوريا، وينضم إلى مؤسسات المعارضة، التي اعتزلها بعد انتقاله إلى باريس.

ترجم كيلو بعضًا من كتب الفكر السياسي إلى العربية، ومنها كتاب “الإمبريالية وإعادة الإنتاج”، و”لغة السياسة” لجورج كلاوس، وكذلك كتاب “الوعي الاجتماعي”، وكتاب “السياسة في الحرب العالمية” لماكس فيبر، و”نظرية الدولة” لنيكوس بولانتزاس.

وصدر له عام 2021 كتاب “من الأمة إلى الطائفة”، وهو عبارة عن دراسة نقدية لحكم “البعث” والعسكر في سوريا، درس فيها الكاتب المرحلة نقديًا على ثلاث فترات، امتدت أولاها من عام تأسيس حزب “البعث العربي” عام 1947 إلى العام 1966، سنة الانقلاب.

والثانية من انقلاب 23 من شباط 1966 إلى 16 من تشرين الثاني 1970، عام انفراد الفريق حافظ الأسد (1930- 2000) بالسلطة، والثالثة من العام 1970 إلى قيام الثورة السورية في 15 من آذار 2011.

وتوفي بعد إصابته بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، في 19 من نيسان 2021، عن عمر يناهز الـ 81 عامًا في العاصمة الفرنسية.

وصيته للسوريين

“لن يحرّركم أي هدف غير الحرية، فتمسّكوا بها في كل كبيرة وصغيرة، ولا تتخلّوا عنها أبدًا، لأن فيها وحدها مصرع الاستبداد، فالحياة هي معنى للحرية، ولا معنى لحياة من دون حرية. هذا أكثر شيء كان شعبنا وما زال يحتاج إليه، لاستعادة ذاته، وتأكيد هويته، وتحقيق معنى لكلمة المواطنة في وطننا”.

كلمات كتبها المعارض والسياسي السوري ميشيل كيلو، في موقع “العربي الجديد” وهو راقد على فراش المرض، قبل أكثر من أسبوع على وفاته في العاصمة الفرنسية.

للمزيد https://www.enabbaladi.net/?p=566781&preview=true&preview_id=566781#ixzz7R6qFwYu5

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.