تركيا تُعيِّن سفيراً في مصر.. خُطوة جديدة على طريق التسوية

6 أبريل 2022آخر تحديث :
السيسي وأردوغان
السيسي وأردوغان

تركيا تُعيِّن سفيراً في مصر.. خُطوة جديدة على طريق التسوية

تركيا بالعربي – متابعات

ذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن تركيا عينت سفيراً لها في مصر، بعد تسع سنوات من خلوّ هذا المنصب، بسبب الأزمة التي اندلعت بين البلدين بعد الانقلاب العسكري عام 2013، ووصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى سُدّة الحكم.

ونقل الموقع عن مسؤولين أتراك قولهم: إن السفير الجديد هو صالح موتلو شان، ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي.

وبحسب المصدر فإن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أخطر “شان” بالفعل بهذا الدور، مضيفاً أن أنقرة تسعى الآن للحصول على تأكيد من الحكومة المصرية.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من قِبل الحكومة التركية أو المصرية -حتى لحظة إعداد هذه المادة- بخصوص ما أورده الموقع.

وتوترت العلاقات بين البلدين بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في الثالث من تموز/ يوليو 2013، حيث نددت تركيا بالانقلاب ورفضت الاعتراف بنتائجه.

تلا ذلك تراجُعٌ سريعٌ في العلاقات، إلى أن أعلنت مصر في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 اعتبار السفير التركي شخصاً غير مرغوب فيه، لتمهد القاهرة بذلك الأجواء نحو مزيد من التوتر.

وحول أسباب قيام تركيا بهذه الخطوة، يرى الباحث في مركز “جسور للدراسات”، فراس فحام، أن أنقرة تريد تصفير مشاكلها مع دول شرق البحر المتوسط بحثاً عن مصالح اقتصادية تتعلق بمجال الطاقة.

وأشار فحام في حديث لـ”نداء بوست” إلى أن “حل الخلافات مع مصر سيتيح لتركيا بيئة عمل أكثر هدوءاً في ليبيا، وسيجنبها المحاولات المستمرة الهادفة لإلغاء اتفاقياتها مع الجانب الليبي بما فيها ترسيم الحدود البحرية”.

وأضاف: “تركيا تريد الاستفادة من الأزمة الأوكرانية وبحث دول أوروبا عن بديل للغاز الروسي، ولذلك من المهم لها تحسين العلاقات مع الدول المصدرة للغاز مثل مصر وإسرائيل”.

أسباب الخلاف التركي المصري

بعد وصول العلاقات التركية المصرية إلى نقطة الصفر، باتت الدولتان تقفان على طرفَيْ نقيض في معظم الملفات الإقليمية والدولية، ووصلت في بعض الأحيان إلى مرحلة المواجهة غير المباشرة.

وكان اتهام مصر لتركيا بالتدخل في شؤونها الداخلية من أبرز القضايا التي وترت علاقة البلدين، وبنت القاهرة اتهاماتها على مواقف أنقرة المنددة بشدة بالانقلاب ومنحها إقامات لعدد من مسؤولي جماعة الإخوان المسلمين الذين شغلوا مناصب قيادية خلال فترة مرسي.

الملف الليبي بدوره، كان نقطة كبيرة للاختلاف بين أنقرة والقاهرة، حيث قدمت مصر الدعم للواء المتقاعد خليفة حفتر الذي حاول الإطاحة بالحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، فيما دعمت تركيا حكومة الوفاق وقدمت لها دعماً عسكرياً كبيراً مكنها من الصمود وحال دون سيطرة الطرف الآخر على العاصمة طرابلس.

وفي عام 2019 وقعت تركيا اتفاقية مع الحكومة الليبية لترسيم الحدود البحرية، وأخرى للتعاون العسكري والأمني، لتكون هذه الاتفاقيات بمثابة فتيل أزمة جديدة مع مصر، وصلت إلى حد تلويح السيسي بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا.

لسنوات مضت، كانت منطقة شرق المتوسط والموارد التي تحويها نقطة للصراع بين أنقرة والقاهرة، حيث وقعت مصر اتفاقية مع اليونان -التي تدور بينها وبين تركيا خلافات كبيرة أيضاً- للعمل المشترك شرق المتوسط بغية بناء تحالُف مناهض لتركيا.

نقلة نوعية ورسائل إيجابية

مطلع العام الماضي، أرسل مسؤولون أتراك إشارات واضحة على نية أنقرة بتحسين العلاقات مع القاهرة، وذلك من خلال مجموعة من التصريحات الإيجابية تجاه مصر.

وبدأت تلك الرسائل بثناء وزير الدفاع خلوصي آكار على مصر لاحترامها للجرف القاري التركي شرق المتوسط، وتأكيده على إمكانية إبرام مذكرة تفاهُم مع القاهرة “انطلاقاً من القيم التاريخية والثقافية المشتركة”.

كما أن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك، أشار إلى وجود “أواصر قوية للغاية مع الدولة المصرية وشعبها تعود لتاريخ قديم”، مضيفاً: “دون شراكتنا التاريخية لا يمكن كتابة تاريخ المنطقة”.

وألمح جليك إلى استعداد أنقرة للدخول في حوار مع القاهرة لحل الخلافات العالقة “دون تخلي تركيا عن موقفها السابق القائم على المبادئ” -في إشارة إلى الانقلاب العسكري في مصر عام 2013- مضيفاً: “لكن هذا بالطبع منوط بأن يكون نفس النهج مُتبادَلاً”.

من جانبها، رحبت مصر على لسان وزير خارجيتها سامح شكري برغبة تركيا في إعادة العلاقات، إلا أنها رهنت التطبيع الكامل بـ”حدوث تغيُّر حقيقي في السياسة والمنهج والأهداف التركية لتتوافق مع السياسات المصرية”.

تركيا ومصر على طاولة الحوار

ترجمت الدولتان الرسائل الإيجابية التي تم توجيهها بشكل متبادل إلى خطوات عملية، تمثلت بعقد جولتين من المحادثات الاستكشافية على مستوى نواب وزراء الخارجية، تم خلالهما مناقشة القضايا الثنائية والإقليمية، والأوضاع في سورية وليبيا وشرق المتوسط.

وزارتا الخارجية التركية والمصرية، أكدتا عقب تلك المحادثات أن الجانبين أبديا الرغبة في اتخاذ مزيد من الخطوات من أجل إحراز تقدُّم في القضايا التي تم مناقشتها وتطبيع العلاقات بين البلدين.

مستقبل العلاقات التركية المصرية

تمكنت تركيا خلال الأشهر القليلة الماضية من إحراز تقدُّم لافت في العلاقة مع دولة الإمارات، التي كانت لسنوات نداً لتركيا وطرف صراع في العديد من الملفات الإقليمية كسورية وليبيا.

وفي تطوُّر ملحوظ زار أردوغان الإمارات في شباط/ فبراير الماضي، بعد زيارة أجراها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان إلى أنقرة، كما أعلن الرئيس التركي أنه يعتزم زيارة السعودية، إضافة إلى وجود نية لإجراء مباحثات مع البحرين.

كذلك، تمكنت تركيا من فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إسرائيل، أثمرت عن إجراء الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ زيارة إلى أنقرة في آذار/ مارس الماضي هي الأولى منذ توتُّر العلاقات بين الجانبين قبل 14 عاماً.

كما أشار الرئيس التركي في تصريح أواخر شهر آذار/ مارس إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت قد يزور تركيا قريباً، مضيفاً أنه سيُوفد وزيرَي الخارجية والطاقة والموارد الطبيعية إلى إسرائيل لإجراء تقييم مسألة العلاقات الثنائية وبحث موضوع الغاز الطبيعي.

أما عن مصر فقد شدد الرئيس التركي في مقابلة تلفزيونية أواخر العام الماضي، على حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع مصر، وقال: “العلاقات مع القاهرة متواصلة على مستوى الوزراء، ويمكن أن تحدث تطوُّرات مختلفة للغاية في هذا الخصوص”.

وفي هذا الاتجاه طلبت تركيا من عدد من القنوات المصرية المعارضة التي تبث برامجها من الأراضي التركية، التوقف عن التحريض ضد حكومة القاهرة الحالية، كبادرة حُسْن نية إضافية.

ومن غير المُستبعَد أن تتمكن تركيا من تذليل العقبات وإعادة تدوير عجلة العلاقات مع مصر، خاصة بعد التقارب الأخير مع الإمارات، إلا أن السؤال الأبرز والذي كان محطّ اهتمام خلال المحادثات الاستكشافية بين الجانبين، هل سيلتقي أردوغان السيسي ويصافحه؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.