“82 جـ.ـريمة سـ.ـرقة يومياً”.. كيف حول نظام أسد مناطق سيطـ.ـرته إلى غابة؟

10 سبتمبر 2021آخر تحديث :
“82 جـ.ـريمة سـ.ـرقة يومياً”.. كيف حول نظام أسد مناطق سيطـ.ـرته إلى غابة؟

تركيا بالعربي

“82 جـ.ـريمة سـ.ـرقة يومياً”.. كيف حول نظام أسد مناطق سيطـ.ـرته إلى غابة؟

تشهد مناطق سيطرة نظام أسد ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات جـ .ـرائم القـ .ـتل والسـ .ـرقة وغيرها مما يرسخ واقع الفلتان الأمني، في ظل غياب أجهزة النظام الأمنية وتردي الأوضاع الاقتصادية، ما يعزز فرص انتشار هذه الظواهر في المجتمع.

منصات التواصل مصدر مهم
ومع غياب الإحصاءات الرسمية عن عدد الجـ .ـرائم المرتكبة خلال العام الجاري، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى مصدر مهم في توثيق الجرائم والإبلاغ عنها، ومنها صفحة وزارة داخلية أسد التي تنشط على موقع فيسبوك.

وخلال الأسبوعين الماضيين، رصدت أورينت نت سبع جـ .ـرائم قتـ .ـل في مناطق سيطرة نظام أسد، أبرزها العثور على جثة سيدة مفصولة الرأس والأطراف في بلدة صحنايا بريف دمشق الغربي، مرمية داخل حاوية قمامة في شارع الكورنيش.

إضافة إلى عشرات الجـ .ـرائم المتعلقة بالسـ .ـرقة، بعضها تم الإبلاغ عنه ومنها ما تكفلت الصفحات الموالية بسرد تفاصيله على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخرى تبدأ بغرض السـ .ـرقة وتنتهي بالقـ .ـتل، كما هو الحال مع حادثة اكتشاف جثة تعود لشاب في منطقة الراموسة بحلب، تم استجراره من قبل أصدقائه إلى مبنى مهجور وقتـ .ـله بهدف سـ .ـرقة هاتفه المحمول ومبلغ 700 دولار أمريكي كانت بحوزته، وفق ما نقلته وزارة داخلية نظام أسد.

وسبق أن تحدث مسؤولون في حكومة أسد، عن تحول عمليات سـ .ـرقة الهواتف والمحافظ النقدية إلى جـ .ـرائم اعتيادية، حيث بلغت نسبة الشـ .ـكاوى المقدمة عن سـ .ـرقة هواتف جوالة خلال النصف الأول من العام الجاري 14800، بمعدل يصل إلى 82 عملية في اليوم الواحد.

قانون الغاب
وبحسب كثيرين ممن تواصلت معهم أورينت في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، فقد بات السكان يخشون تعرضهم للسطو حتى داخل منازلهم في أي لحظة، نتيجة انتشار عصـ .ـابات السـ .ـرقة في الشوارع والأحياء السكنية الرئيسية، فضلاً عن شعور المواطنين بأن كل ما يملكونه بات هدفاً مستباحاً للصوص.

ويوضح عبد اللطيف من سكان مدينة حلب خلال حديثه لـ”أورينت” أنه لجأ مؤخراً إلى إضافة قفلين حديديين إلى باب منزله، إضافة إلى منع زوجته وأطفاله من الخروج ليلاً أو خلال فترة وجوده خارج المنزل، خشية تعرضهم للسـ .ـرقة أو الخطف.

ويقول: “سابقاً كنا نسمع بحـ .ـادثة سـ .ـرقة لمنزل، لسيارة.. أو جـ .ـريمة قتـ .ـل تحدث مرة أو اثنتين في الأسبوع، أما اليوم فقد صارت الحوادث اعتيادية وشبه يومية، والعصابات منتشرة في الشوارع ويتعرض عناصرها للنساء قبل الرجال بهدف سـ .ـرقة هواتفهن وأموالهن”.

ويضيف: “بطبيعة الحال فما يُسرق لا يعود، بسبب تجاهل الأمن للشكاوى والاستجابة الباردة من قبلهم، بحيث لا تتحرك أي دورية إلا في حال وجود جثة يكون السكان قد عثروا عليها وليس رجال الشرطة الذين تحول أكثرهم إلى جزء من عصابات التشليح وفرض الأتاوات على المدنيين (المنتوفين)”.

ويشير عبد اللطيف إلى ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن انتشار الجرائم، وهي امتناع السكان عن مساعدة الضحايا وعدم التدخل لمنع حـ .ـادثة سـ .ـرقة أو تحرش جنسي في الشوارع، خشية أن يكون الجُناة من الشبيحة ما يعني اطلاق سراحهم فوراً، وبالتالي تعرض المدنيين إلى الانتقام.

وكان المحامي العام في دمشق “محمد أديب مهايني” قد وجّه كتاباً إلى قائد الشرطة، في شهر نيسان الماضي، طالباً الالتزام بعدم اتخاذ أي قرار ضبط مثل اعتقال شخص بطريقة غير مناسبة أو الإفراج عن شخص دون الرجوع إليه، وذلك بعد كثرة الضبوط التي تقدمها الشرطة دون وجود المستجوب الذي يتم إطلاق سراحه دون الرجوع إلى النيابة.

الجرائم الأسباب والحلول
ويرجع المعالج النفسي “محمد السيد” خلال حديثه لأورينت عن ظاهرة تفشي الجـ .ـريمة إلى العديد من الأسباب، أبرزها الانهيار الاقتصادي والأوضاع المعيشية، إضافة إلى ما يُعرف بـ”النمذَجة السلوكية” وهي خلق نموذج أو قدوة للعنف بالنسبة إلى المجتمع، والشباب منهم على وجه الخصوص، وهو ما يؤثّر على سلوكياتهم وبالتالي زيادة العنف.

ويقول أيضاً: إن تصدّر قادة الحرب والعسكريين المشهد العام واعتبارهم أبطالاً، وما ينعكس على حياة السكان ضمن الإطار الضيق في الأزقة والشوارع، ومشاهدة كيف يحصل من انخرط في الحرب على تسهيلات لا يحصل عليها المواطن العادي مثل حصوله على الخبز أو الغاز وغيرها، دون اضطراره للوقوف في طوابير، تعزز فكرة المجتمع بأن الارتقاء بالعنف يساوي التسهيلات والحفاوة.

ويشير “السيد” إلى أن “طول أمد الأزمة الاقتصادية وغياب أفق الحل والفقر الذي أوصل السكان إلى مرحلة عدم القدرة على توفير حتى الخبز، يجعل الشخص ينتقل من الإحباط إلى العدوان”.

وعن طرق علاج هذه الظاهرة، يرى السيد، أن التوقف عن تقديس نموذج العنف وسحب الامتيازات من مجرمي الحرب ومحاسبتهم، يعد بداية لإنهاء هذه الحالة، إضافة إلى إيقاف الحرب والسيطرة على السلاح المنفلت وإنهاء البلطجة، وإيجاد نموذج للعدالة الاجتماعية، “لكن، هذه الأمور صعبة التحقق” كما يقول.

قد تختلف أسباب ارتفاع معدل الجـ .ـريمة في مناطق سيطرة أسد واتساع دائرة مرتكبيها بين أصحاب السلطة السلاح والنفوذ، وآخرين أجبرهم الفقر وانعدام سبل الحصول على قوت يومهم بطريقة شرعية، إلا أن ما هو ثابت هو فشل النظام في تأمين مقومات اجتماعية لقاطني مناطقه، فضلاً عن عجزه عن معالجة ما ترتب على سياساته، الأمر الذي تسبب بظواهر اجتماعية غير مسبوقة في سوريا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.