العلويون وافقوا على إزاحة الأسد.. وطرح اسمان أحدهما سيكون رئيساً والآخر نائباً له !!

30 يونيو 2020آخر تحديث :
بشار الأسد خائف
بشار الأسد خائف

تركيا بالعربي

أصبح بشار الأسد عبئاً على حُماته. وعبئاً على بيئته وطائفته. من يرعاه يبحث عن ثمن، مهما كان بخساً، لعرضه في المزاد. الشرق الأوسط يدخل “سَنَة سوريا”، من بوابة قانون “قيصر” الذي على أحد إيقاعاته ستُخاض الانتخابات الرئاسية الأميركية. وهي ستسبق الانتخابات الرئاسية السورية. سيضغط قانون قيصر على روسيا أكثر بحثاً عن حلّ سياسي. روسيا بدورها تبحث عن ضغوط كثيرة على النظام لدفعه إلى تقديم تنازلات جدية وحقيقية أساسها الدستور السوري الجديد.

منذ سنة، تعمل موسكو على عقد اجتماعات متعدّدة تجمع شرائح اجتماعية سورية واسعة. في قاعدة حميميم قبل شهر ونصف، التقى المسؤولون الروس بوفود من الطائفة العلوية، الغاية من اللقاء كانت استمزاج رأي العلويين بالمستقبل في ظلّ النظام وبشار الأسد.

كان الرأي غالباً في أنّ الطائفة لم تعد تحتمل المزيد من الخسائر. شهدت قاعدة حميميم أيضاً لقاءات بين المسؤولين الروس ووفود من طوائف أخرى، من الإسماعيليين في حماه، وبعض السُنّة، ومسيحيين. وفي السفارة الروسية في دمشق، عقد اجتماع بين الروس ودروز من السويداء وسُنّة من درعا ومسيحيين من الجنوب السوري والعاصمة ومحيطها. كلّ اللقاءات كانت تتركز على تقديم رؤى حول مستقبل سوريا، في ظلّ التطورات العسكرية والسياسية المرتقبة.

قبل هذه الإجتماعات بسنة، أجرت موسكو استطلاعات داخل البيئة العلوية، من بينها سؤال طرحه المستطلعون، عما إذا كان العلويون يرون أفقاً جديداً من خارج عباءة آل الأسد. وللتذكير، فإنّ آل الأسد هم من الريفيين، من أصول فلاحية، استحوذوا على السلطة بعد انقلاب حافظ الأسد عام 1970، فمكّنهم ورفعهم درجاتٍ ودرجات، على حساب البرجوازية العلوية التاريخية، التي تمثّل إحدى أبرز شرائحها عائلة مخلوف التي صاهرها الأسد. آل مخلوف، وهم من الساحل السوري وليسوا من الريفيين، يعتبرون أنّهم الأحق في تمثيل الوجاهة العلوية. محمد مخلوف وحافظ مخلوف، والد وشقيق رجل الأعمال رامي، يقيمان في روسيا. أبديا استعداداً لبلورة تصوّر سياسي جديد برعاية موسكو لتمثيل العلويين سياسياً في أيّ مرحلة تغيير سورية.

رامي مخلوف هو أخطبوط الاقتصاد السوري، وصاحب شبكة علاقات واسعة ومعقدة ومتناقضة. يتمتع بعلاقة قوية مع الإيرانيين، يحتفظ بخطّ وثيق مع موسكو من خلال والده وشقيقه، وله خلفية “علمانية” متوارثة من عائلة مخلوف القومية الاجتماعية السورية. ومخلوف نفسه، كان راغباً في تكرار تجربة حزب الله في سوريا، عبر قيادته لحملة تشيّع يتحمّس لها مع ابن عمّته ماهر الأسد، على قاعدة أنّ الالتحام بالإيرانيين سيجعل منهم قوّة لا يمكن استثناؤها في سوريا المستقبل. تبيّن فشل المحاولة من كثرة اللاعبين الكبار على الملعب السوري . فانتقل النقاش إلى الطاولة الروسيّة .

لسبب ما، تسّرب خبر المناقشات بين آل مخلوف والمسؤولين الروس. كان النظام السوري يمرّ بأزمة مالية خانقة، ويضغط على مخلوف لدفع المزيد من المال. أرسى تسرّب الخبر شقاقاً في صفوف العلويين وداخل العائلة الواحدة، فكان الخلاف بين رامي مخلوف والنظام على الشركات والأموال وصولاً إلى تفكيك شبه ميليشيا عسكرية كان رامي قد أنشأها.

التقى على ضرب رامي مخلوف عاملان أساسيان: الروس يضغطون عليه وعلى ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة بسبب ولائهم للإيراني، وبشّار الأسد لا يسمح بأيّ طموح علوي يراهن على وراثته. أراد بشار الأسد إيهام العالم بأنّه مستعدّ لتغيير سلوكه بضرب رامي مخلوف، فيوجّه رسالة إلى العرب بأنه يقوّض الدور العلوي، وخصوصاً ذي النََّفَس “التشيّعي” الإيراني، مقابل تعزيز الحضور السنّي في الاقتصاد السوري. وبذلك يكون قد وجّه رسالة إلى الأوروبيين بأنّه، بعد محاربته الإرهاب، يعمل على محاربة الفساد الذي يمثّله رامي مخلوف.

حكاية روسيا مع مخلوف مختلفة، الهدف من التسريب بحسب الخلاصة، هو تحقيق شرخ كبير داخل صفوف الطائفة العلوية، لإضعاف بشار الأسد وإجباره على تقديم تنازلات حقيقية. فموسكو وصلت إلى قناعة أنّه لا يمكن إجبار الأسد على التنازل إلا بزعزعة بنيته الطائفية التي يستند إليها. ظاهرياً حتّى الآن نجح الأسد في امتصاص الانشقاق والتفوّق على رامي، لكنّ القصة لن تنتهي هنا.

داخل البيئة العلوية، أصبح بشار الأسد عبئاً على الجميع، ومع السُنّة لا يمكن إعادة ترتيب وضعه وتثبيته، لأنّه فاقد لأهلية العلاقة مع الجوار السوري، كما مع الأكراد.

يُطرح اسمان معاذ الخطيب، وعبد الله الدردري. أحدهما سيكون رئيساً والآخر نائباً للرئيس

معاذ الخطيب وبشار الأسد

بشّار هو حاجة إيرانية فقط. وأيّ تحجيم للنفوذ الإيراني في سوريا سيبدأ بإسقاط بشار الأسد، ودفعه إلى المغادرة. روسيا تريد سوريا وحدها ولا تريد شريكاً أو منافساً حتى يضع العهد الجديد في واشنطن أوراقه السورية على الطاولة . . بينما الموقف الأميركي كان واضحاً بمطالبة كلّ القوى بمغادرة سوريا، باستثناء القوات الروسية الموجودة منذ ما قبل العام 2011. والطبيعة الاجتماعية للعلويين أقرب إلى الروس منها إلى الإيرانيين، وروسيا بحاجة إلى إرضاء السُنّة في سوريا الذين سيكون عنوان إرضائهم إزاحة بشار الأسد والبحث عن مرحلة انتقالية.

في كلّ مرّة تتسرّب أخبار عن إنجاز التوافق على المرحلة الانتقالية، يعمل على تعطيلها سريعاً طرفان: الإسرائيلي الذي يدخل فوراً على الخطّ عبر بعض التسريبات لإجهاض أيّ مسعى جدي، لأنه لا يلائمه غير الأسد، والإيراني الذي يضغط على الأسد لعدم تقديم أيّ تنازل، خصوصاً في ما يتعلّق بالدستور. مع فارق أنّ إسرائيل لا تريد إيران في سوريا. تجتمع روسيا والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والعرب على مطلب واحد: تحجيم النفوذ الإيراني.

لم يعد بإمكان الواقع السوري أن يبقى على ما هو عليه. التحرك السياسي الدولي جدّي جداً للبحث عن بديل ومخرج. تتركز المشاورات على إمكانية تكرار التجربة السودانية، بتشكيل مجلس عسكري يرأسه ضابط علوي، وتشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات ترأسها شخصية سنيّة من المعارضة، وتتمثل فيها مختلف المعارضات، المحسوبة على الروس وعلى الأتراك وعلى العرب والخليجيين. لا يمكن لروسيا إلا إرضاء السُنّة الذين يشكّلون الأكثرية في النسيج الاجتماعي السوري. وسوريا بحاجة إلى شخصية لها حيثيتها ورمزيتها، كما بحاجة إلى شخصية مالية واقتصادية.

يُطرح اسمان معاذ الخطيب، وعبد الله الدردري. أحدهما سيكون رئيساً والآخر نائباً للرئيس.

لمعاذ الخطيب رمزية في الوجدان السوري والدمشقي تحديداً. فهو خطيب الجامع الأموي في دمشق بالوراثة، صاحب كاريزما ومواقف معارضة، يمثّل الوجدان الشامي. التقى الخطيب قبل أيام في العاصمة القطرية الدوحة بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. سافر بوغدانوف خصيصاً إلى الدوحة ليجتمع به. وكان بحث عن توافق حول المرحلة الانتقالية. بالطبع هناك خلافات سياسية واستراتيجية تعيق الوصول إلى هذا الاتفاق، منها الإصرار التركي على الحضور والتأثير والحصول على أكثرية أعضاء الحكومة الانتقالية، والإصرار الروسي على السيطرة شبه الكاملة على المجلس العسكري. وهناك مشكلة عدم الاتفاق على الدستور الجديد الذي لا يزال بشار الأسد يعيق إقراره.

الوصول إلى اتفاق ليس سهلاً. تعترضه عوامل كثيرة. الصراع في ليبيا سينعكس حكماً على الصراع في سوريا. ما يبدو تفاهماً روسياً تركياً سيتعرض لنكسات كثيرة بفعل المعركة الدائرة فوق الأراضي الليبية. في الشمال السوري، الدوريات الروسية التركية المشتركة لا تمنع زيادة منسوب التحشيد العسكري، استباقاً للقاء يفترض أن يعقد بين الرئيس أردوغان وبين القيصر بوتين، للتفاهم على المرحلة المقبلة سوريا. ولن يحصل اللقاء قبل معركة عسكرية على الأرض يسعى كل طرف عبرها إلى تحسين شروطه التفاوضية، وسط إصرار تركي على إحراز تقدم أكثر في الشمال السوري واستعادة نقاط كان حلفاء تركيا من فصائل المعارضة السورية قد خسروها سابقاً.

إلى جانب المعركة السياسية والدستورية، ستكون سوريا أمام معارك جديدة على الطرق والمعابر

روسيا ستستمرّ في قضم النفوذ الإيراني ببطء وبشكل مرحلي، وآخر أوجهه التنسيق الروسي مع الفرقة الخامسة في درعا، الذي يتزامن مع زيادة منسوب الضغط الإسرائيلي بضرب أهداف ومواقع للإيرانيين ليس في الجنوب فقط بل على كامل البقعة السورية. وكذلك من خلال تطويق النفوذ الإيراني في البنى العسكرية التابعة للنظام. على سبيل المثال تطويق الفرقة الرابعة التي فرضت عليها الولايات المتحدة الأميركية عقوبات بموجب قانون قيصر.

تتجه روسيا للتقدم أكثر نحو الشرق بعد منع إيران من السيطرة على منفذ بحري. القوات الروسية أصبحت في محيط منابع الفوسفات في حمص، وحقل الشاعر النفطي. وتقترب أكثر من البادية السورية التي تعتبرها إيران معبرها الاستراتيجي من العراق إلى لبنان مروراً بسوريا، عبر نقطة مركزية وإستراتيجية هي القصير. مدينة القصير أول المدن السورية المهمة التي دخل حزب الله بكلّ ثقله إليها، لما تمثّل من معبر استراتيجي يصل كلّ المدن السورية ببعضها البعض. فهي نقطة مهمّة منذ أيام نبوخذ نصر، منها يمكن الذهاب إلى الساحل السوري، إلى الوسط في حماه وسلمية وصولاً إلى الشمال، ومنها أيضاً الطريق إلى دمشق وريفها، وإلى الهرمل في لبنان، أو إلى منطقة القلمون على الحدود اللبنانية السورية.

إلى جانب المعركة السياسية والدستورية، ستكون سوريا أمام معارك جديدة على الطرق والمعابر. أصبح النفوذ الإيراني في سوريا على مشرحة الأمم، وهو حتماً سينعكس على لبنان الذي يتأثر بعمق وإلى حدّ بعيد بتداعيات الانهيار السوري، الأمر الذي يستدعي تهيباً من قبل حزب الله القابع مع لبنان كلّه تحت ضغوط أميركية ودولية قاسية. لن تكون المعركة مع الإيرانيين سهلة، خاصّة إذا ما كرّر الروس تجربة حصلت قبل سنتين على الحدود اللبنانية السورية بالدخول إلى منطقة القصير وإلى الزبداني ومضايا، في مسعى من قبل موسكو للسيطرة على هذه المناطق، وحصلت يومها مناوشات مع الإيرانيين وحزب الله.

مسؤول على مستوى رئاسي سوري يؤكّد في أحاديثه أن القوات الروسية ستنشر على الحدود اللبنانية السورية بعد أن تضع يدها على القصير عاجلاً أم آجلاً للإمساك بالممر الايراني الحيوي الوحيد بين ايران ولبنان عبر هذه الحدود.

كلّ التطوّرات تفيد بأنّ بشّار الأسد أصبح تفصيلاً في المعادلة، سواء بقي أم غادر في ليلة ليلاء، لكن ماذا ستفعل إيران في سوريا وفي لبنان؟

الأمر يحتاج إلى حلقة ثانية.

المصدر: أساس ميديا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.