فضيحتان تسببت بهما تركيا

10 مارس 2020آخر تحديث :
الجيش التركي
الجيش التركي

ساجد تركماني – شبكة آرام الإعلامية

لاشك أن العنوان صـ. ـادم للبعض إنما ما سيتلوه من حقائق ربما يكون صـ. ـادمًا أكثر ليس لكونها جديدة إنما لأنها غدت أكثر وضوحاً وقطعية.

لم تمض سوى بضعة أيام على العملية العسـ. ـكرية التركية في مناطق إدلب “درع الربيع” إلا وبرز معها حدثان غريبان ربما لم نعدها بهذا الوضوح طيلة سنوات الثورة السورية، هما أقرب لمسمى (فضـ. ـيحة).

الفضـ. ـيحة الأولى: أكذوبة استهداف الطيران الإسرائيلي لمقار وعناصر حزب الله اللبناني في سوريا طيلة السنوات السابقة، تلك الغـ. ـارات الإسرائيلية التي اعتادت الظهور عندما يكون نظام الأسد في مأزق حقيقي أمام مواليه وعناصره لإعادة تذكيرهم أنه نظام ممانع حيكت ضده بالفعل مؤامرة كونية بدليل استهداف العـ. ـدو الصهيوني الغاصب والمحتل له، توقيت تلك الضربات كان خادمًا لنظام بشار الأسد بطريقة لا تُصدّق ومعه بالجملة محور الممانعة (المزعومة) إيران وحزب الله.

كثيرون ربما سقطوا في هذه الخديعة ولربما نددوا في دواخلهم بهذه الاعتداءات الإسرائيلية السافرة سيما أننا في سوريا من أكثر الشعوب العربية حَدّية وحساسية بكل مايتعلق بالعـ. ـدو الإسرائيلي المحتل للأراضي العربية والمقدسات الإسـ. ـلا مية وحتى المسيحية.

المثير هنا أن البعض وتحت ضغط أوهام هذا النوع من الحمية الوطنية فاته التدقيق في تفصيلات هامة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أين توابيت القتـ. ـلى الإيرانيين وحزب الله وميليشيا الأسد التي كان يتم الحديث عن أرقامها الكبيرة عقب كل غـ. ـارة إسرائيلية تحصل في الأراضي السورية؟!! لماذا لم نشاهدها؟!! جميع تلك التوابيت لقتـ. ـلى النظام وحلفائه كانت تظهر عقب معارك طاحنة مع ثوار سوريا فقط لاغير!!! ثم جاءت العملية العسـ. ـكرية التركية الأخيرة وخلال بضعة أيام فقط بدأنا نشهد أرتالًا من توابيت قتـ. ـلى حزب الله تعود إلى لبنان ونقرأ أخبارًا عن وساطات تجري مع تركيا للسماح بانتشال بقية جثث الحزب في مناطق إدلب!! أين كانت أرتال التوابيت هذه عقب مئات الغـ. ـارات المزعومة التي شنها طيران العـ. ـدو الإسرائيلي طيلة عقد من الزمن؟!! الجواب غالبًا قد اتضح والحقيقة تجلت للباحثين عنها من أصحاب العقول المتحررة من أوهام الدعاية السخيفة لما يسمى (محور المقاومة والممانعة).

الفضـ. ـيحة الثانية: لطالما تأمل السوريون طيلة سنوات محنتهم أن تمتد إليهم أيادي المجتمع الدولي الذي يرفع لواء الحرية والعدالة ويردد شعارات إنسانية طيلة عقود، فلم نكن نحصد سوى الخيبة تلوَ الخيبة ونتجرع مرار الخذلان ونصدم بعجز دولي كانت مبرراته دائمًا حاضرة، كعدم القدرة على فعل شيئ بسبب الدعم والحماية الروسية لنظام الأسد حيث أن روسيا ثاني قوة عظمى وإحدى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والمتمتعة فيه بحق النقض (الفيتو) والتي لم تتورع عن استخدامه قرابة 13 مرة لإنقاذ نظام الأسد المجرم وتجنيبه أي عواقب جدية أو حتى وقف الهولوكوست السوري المروع!! أعذار متقنة وتبريرات ربما يصعب معارضتها، إلى أن جاء التدخل التركي الأخير وخلال أيام قليلة فقط شهدنا مالم نشهده طيلة تسع سنوات من تعاجز المجتمع الدولي: أكثر من 2500 قتيلًا لجيش الأسد، تدمير أكثر من مائة دبابة معظمها يعتبر فخر الصناعة العسـ. ـكرية الروسية دبابة T90، تدمير مطارين عسـ. ـكريين (النيرب وكويرس) وإعطاب معظم مدارج الإقلاع في مطار حماة العسـ. ـكري، إسقاط ثمان حوامات قتالية وثلاث طائرات حـ. ـربية، تدمير منظومات دفاع جوي من طراز S-300 بالإضافة لمئات المدرعات والآليات وناقلات الجند التي تم تحويلها لرماد!! المذهل حقًا أن شبه الإبادة هذه والتي وقعت لجيش الأسد تمت خلال أيام قليلة وبأدوات عسـ. ـكرية بسيطة كالطائرات المسيرة وسـ. ـلا ح المدفعية ودون حتى الاضطرار للزج بسـ. ـلا ح الجو التركي أو استعمال الصواريخ الاستراتيجية أو أسلحة هـ. ـجـ. ـومية متقدمة من الترسانة المتطورة التي يمتلكها الجيش التركي.

لاشك أنكم بدأتم تتساءلون كما أتساءل: المجتمع الدولي الذي تعاطف معنا (لفظيًا) منذ قرابة تسع سنوات والذي تمتلك بعض دوله قدرات عسـ. ـكرية تفوق القدرات العسـ. ـكرية التركية لماذا بقي صامتًا متعاجزًا طيلة كل تلك السنوات أمام ما يحصل لنا من مآسي؟!! هل كان سبب تعاجزه حقًا عدم القدرة أم عدم الرغبة؟! المناخات الدولية لم تتغير وروسيا لاتزال عضوة في مجلس الأمن ولازالت تملك حق الفيتو ولازالت تدعم الأسد سياسيًا و عسـ. ـكريًا وتمد جيشه بأمداد مفتوحة من السـ. ـلا ح والذخيرة ولازال سـ. ـلا ح جوها يغطي قواته على الأرض ومع ذلك وفـ. ـي بضعة أيام فقط تعرضت قوات الأسد والميليشيات الطائفية المساندة لها لمذبحة مُريعة وبسـ. ـلا ح بسيط!!! أحسب أن الإجابة على هذا التساؤل المشروع غدت واضحة أيضًا.

حقيقتان برتبة (فضـ. ـيحة) سلط التدخل التركي الأخير الضوء عليهما بطريقة لم تعد تقبل حتى الجدل أو النكران.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.