الليرة السورية نحو المزيد من الانهيار

22 سبتمبر 2019آخر تحديث :
الليرة السورية نحو المزيد من الانهيار

يرجّح الخبراء استمرار تدهور اقتصاد نظام اﻷسد وسط تهاوٍ مستمر لسعر صرف الليرة السورية أمام العملات اﻷجنبية ما يعني المزيد من البؤس للسوريين في المناطق الخاضعة لسيطرته وحتى في مناطق الشمال نظراً ﻷن الليرة ماتزال عملة التداول اليومية كما أن الاقتصاد البسيط لتلك المناطق مرتبط باقتصاد الدولة التي يسيطر على مفاصلها نظام اﻷسد.

وفي إفادته لـ”نداء سوريا” اعتبر رئيس مجموعة عمل “اقتصاد سوريا” الدكتور أسامة القاضي أن اعتراف رئيس وزراء حكومة النظام السوري عماد خميس بفراغ خزينة البنك المركزي “يأتي منسجماً مع واقع حال اقتصاد يعيش تحت حكم عقلية عسكرية وأمنية همجية على مدى تسع سنوات هجرت داخل وخارج سوريا حوالي نصف الشعب السوري وجوعت 13 مليوناً منه، وجعلت ثلثي الشعب غير آمن غذائياً وأكثر من 80 بالمائة تحت خط الفقر، وجعلت أكثر من ثلثيه عاطلاً عن العمل”.

ورشّح القاضي انخفاض الليرة السورية بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، معتبراً أن سعر الصرف الحالي لا يعكس حقيقة الوضع الصعب لاقتصاد النظام السوري مشيراً إلى أن “هبوط العملة المحلية أكثر من 12 ضعفاً، والتضخم الذي فاق 400 بالمائة، وخسارة 17 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، وفقدان مداخيل الثروة النفطية منذ عام 2012 وهبوط إنتاج سوريا النفطي حسب تصريح عماد خميس الجريء إلى الصفر”.

وأضاف “إنه وقت مواجهة حقيقية أن على النظام الاستعجال بالحل السياسي العادل حسب قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها 2254 حتى يقف نزيف الدم والعذابات لكل الشعب السوري على امتداد مساحته، وحتى تبدأ عملية إعمار سوريا حرة ديمقراطية تستعيد عافيتها وتضمن مستقبلاً أفضل لكل أبنائها”.

من جانبه رأى الخبير الاقتصادي يونس الكريم أن “هناك سعرين لصرف الليرة السورية، سعر اقتصادي لا يُعلن عنه النظام يتجاوز وفق تقديرات الخبراء 700 ليرة، وهناك سعر سياسي هو المتداول عبر السوق السوداء ويبلغ 600 ليرة أمام الدولار”.

وأضاف في إفادته لموقع “تلفزيون سوريا” أن السبب “يعود في اعتماد الأسد السعر السياسي لصرف العملة، إلى أنه في حال كان سعر الصرف أكثر من 600 ليرة فهذا يجعل الرواتب الممنوحة من قبل النظام للمواطنين تفقد قيمتها النهائية (صفر)، وبالتالي يبدأ النظام بالاعتماد على المساعدات كلياً لإطعام المواطنين، ويخلق حالة من الفوضى الاقتصادية العارمة ويجعل النظام في حالة ضغط كبير، ويساهم في عزوف كل المستثمرين والشركات عن التعامل معه”.

وحول أسباب الانهيار المستمر لليرة السورية قال الكريم: إن “استعادة النظام السيطرة على مناطق واسعة من سوريا كان عاملاً سلبياً وليس إيجابياً على الليرة السورية وساهم في تراجعها بدل تحسنها، كون تلك المناطق كانت عبارة عن أحد أهم الموارد المالية للأسد، عن طريق استفادته من المساعدات والمنح المقدمة من الأمم المتحدة للمناطق المحررة، أو عبر الإتاوات الضخمة التي كان يفرضها على البضائع التي تدخل إلى تلك المناطق ولاسيما ما كان يحصل في المناطق المحاصرة كالغوطة الشرقية، إضافة لحرمان النظام من التحويلات المالية التي كانت تصل إلى المناطق المحررة، والتي كان صرفها من قبل السكان يؤمن له القطع الأجنبي”.

وأفاد الكريم بأن “العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة بشكل متزايد على النظام، عملت على تضييق الخناق على الموارد المالية التي كانت تأتي من مؤيدي الأسد أو داعميه الخارجيين، وهذا التضييق بدأ يظهر بشكلٍ واضحٍ في العام الحالي وساهم في انهيار الليرة.

وكان خميس قد أدلى الأسبوع الفائت بتصريحات هامة في كلمة له أمام مجلس الشعب نقلها موقع “روسيا اليوم” في تقرير بعنوان “تبعات الحرب بلسان الحكومة السورية.. أرقام قاتمة والمركزي أفرغ خزائنه”.

وأعلن أن موجودات المصرف المركزي السوري تقلصت خلال السنوات الأولى جراء “الأزمة”، وأن إنتاج النفط اليومي انخفض من 380 ألف برميل إلى صفر برميل بينما نسبة الأراضي المزروعة تقلصت وباتت محدودة جداً، كما تأثرت السياحة بشكل مباشر وأصبح مدخولها صفراً، أما الكهرباء فتم تدمير نصف محطاتها، كذلك حال خطوط النقل وباقي البنى التحتية التي استهدفت بشكل مباشر”.

وأكد خميس، أن “الحكومة باتت تحتاج 200 مليون دولار شهرياً ثمن نواقل نفطية، كما يلزمها 400 مليار ليرة لإعادة قطاع الغاز إلى العمل، ناهيك عن بقية القطاعات الأخرى المهمة التي تحتاج إلى ميزانية أيضاً” كما حاول تبرير انهيار الليرة السوري مدعياً أن “الحكومة اعتمدت قراراً لم يخرق يوماً منذ 2016، يقضي بوقف سياسة التدخل المباشر في سوق القطع الأجنبي”.

وفي النهاية فستتواصل حالة الانهيار حتى تدفع موالي اﻷسد للانتفاض على حكمه وهو ما سيكون شبه حتمي مع بداية تحقق أي استقرار عسكري أو هدنة طويلة اﻷمد وهو ما لا يريده بالطبع، ويبقى الحل الوحيد ﻹنقاذ ما تبقى من الدولة السورية بما فيه عملتها الوطنية في الوصول إلى حل سياسي يغير النظام.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.