كيف سيتعامل عمدة اسطنبول الجمهوري مع 700 ألف لاجئ سوري في المدينة الكبرى؟

25 يونيو 2019آخر تحديث :
أكرم امام أوغلو
أكرم امام أوغلو

تركيا بالعربي

كيف سيتعامل عمدة اسطنبول الجمهوري مع 700 ألف لاجئ سوري في المدينة الكبرى؟

بعد فوز المعارض أكرم إمام أوغلو يترقب السوريون والعرب المقيمون في مدينة اسطنبول التغيرات التي ستطرأ على أوضاعهم، حيث يقيم نحو ٧٠٠ ألف سوري هناك.

ويصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى نحو ثلاثة ملايين و663 ألف شخص أي بنسبة 4.6 بالمئة من إجمالي الشعب التركي، وفق أرقام إدارة الهجرة والجوازات التركية في كانون الثاني/يناير 2019.

ولا يتمتع حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي ينتمي له إمام أوغلو بشعبية كبيرة بين العرب والأجانب بشكل عام، بسبب أيديولوجية الحزب القومية التي تمجد الأتراك فوق بقية المكونات الاجتماعية الأخرى.

لماذا خسر أردوغان اسطنبول؟

ومنذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تدفقت أعداد كبيرة من السوريين إلى تركيا، بعد أن فتحت حكومة أردوغان الأبواب على مصراعيها في البداية أمام السوريين. وسط معارضة من جانب حزب الشعب الجمهوري.

وبدأت إجراءات منح السوريين الجنسية التركية في عام 2016 عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتخاذ وزارة الداخلية التركية خطوات جادة في سبيل إعطاء الجنسية “لمن يريدها”.

ويستطيع السوريون الحصول على الجنسية التركية من خلال قضاء خمس سنوات في البلاد عقب حصولهم على أذون عمل، أو من خلال قرار الحكومة التركية إعطاء الجنسية التركية للسوريين من أصحاب الكفاءات والطلاب ورجال الأعمال.

بعدها أطلق ناشطون أتراك غاضبون وسما بعنوان #ÜlkemdeSuriyeliİstemiyorum أي “لا أريد مواطنين سوريين في بلادي” على تويتر، عبروا فيه عن رفضهم لقرار أردوغان الأخير بإعطاء الجنسية للسوريين.

وتتهم المعارضة أردوغان بإعطائه الجنسية التركية للسوريين، من أجل الاستثمار في الأجيال القادمة من السوريين الأتراك لضمان ولائهم السياسي وأصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية مستقبلا.

واستحوذ ملف السوريين في اسطنبول على حيز كبير من المناظرة التي أجريت بين إمام أوغلو ويلدريم في 16 حزيران/يونيو الماضي، والتي انتقد فيها أوغلو حزب العدالة والتنمية على إدارته السيئة لملف السوريين في إسطنبول.

أما يلدريم فقال إن استقبال السوريين في إسطنبول جاء تحت بند الحماية المؤقتة، وأنهم سيعودون إلى بلادهم عقب انتهاء الحرب.

وعقب المناظرة، تساءل البعض عن عواقب فوز حزب الشعب الجمهوري ممثلا في أكرم إمام أوغلو، على السوريين في إسطنبول، الذين يبلغ عددهم 559 ألف شخص بحسب بيان لـ “المديرية العامة للتعلم مدى الحياة” التركية نشر العام الماضي، وقد يزيد هذا العدد إذا أضيف إليه غير المسجلين.

“لا أتوقع أن يصل الأمر إلى حد ترحيل السوريين، قد تقطع بعض المساعدات المالية أو المادية، وقد يضغط حزب الشعب الجمهوري مستقبلا على الحكومة التركية من أجل فتح مناطق آمنة للسوريين داخل سوريا، والسماح لهم بالرجوع إلى هناك”، يقول المحلل السياسي التركي جواد غوك لـ”موقع الحرة”.

أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة إسطنبول أحمد أويصال توقع ألا يجري ترحيل للسوريين أيضا، لكن قد تحدث بعض الضغوطات من جانب إدارة المدينة فيما يخص الخدمات المجانية المقدمة لهم، مضيفا أن “هذا غير مستغرب، فالحزب عنصري كما هو معروف”.

وأضاف أويصال في حديث لـ”موقع الحرة” أن “منصب رئاسة مدينة اسطنبول لن يؤثر على السياسة العامة بشكل كبير، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية الحاكم يسيطر على العديد من الأقضية والبلديات في المدينة. هذا الأمر سيجعل هناك نوعا من الإدارة المتوازنة”.

وبينما يحفل تاريخ حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك في عام 1923، بقرارات تمييزية ضد مجموعات عرقية أخرى داخل تركيا كالأكراد، فإن حزب العدالة والتنمية انفتح على بقية مكونات الشعب التركي منذ تأسيسه في عام 2001.

الصحفي المتخصص في الشؤون التركية، أحمد يحيى، قال لـ”موقع الحرة” إن المكونات غير التركية بما في ذلك الأجانب، مالوا خلال السنوات السابقة باتجاه حزب العدالة والتنمية، خاصة بعدما أعلن رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو عن وثيقة “ميثاق تركيا الجديد” في 15 نيسان/أبريل 2015.

الوثيقة عبارة عن مجموعة من الأفكار والمبادئ التي تشرح تصورات العدالة والتنمية لمستقبل تركيا، وقد دشنت الوثيقة لمبادئ المساواة الفعلية بين الأعراق كما في الدستور التركي.

وأشار يحيى إلى غياب ذكر كلمة “تركي” في الوثيقة، والتركيز على تركيا كبلد يضم مجموعة من البشر متعددي الجنسيات والأعراق والخلفيات، بالإضافة إلى التشديد على فكرة الإنسان.

ما شكل التأثير؟

ورغم استبعاد فكرة ترحيل السوريين إلى بلدهم، فإنهم قد يتعرضون لبعض الضغوطات، كما يرى الصحافي المهتم بالشأن التركي بقناة أورينت السورية، أسامة أسكه دلي.

وقال أسكه دلي لـ”موقع الحرة” إنه قد يضيق على السوريين فيما يخص العمال والمتاجر العاملة بدون تراخيص، إذ كانت البلديات التابعة للعدالة والتنمية تقدم تسهيلات معينة للسوريين في مثل هذه الأمور.

ويشير أسكه دلي إلى أن تنفيذ هذه الضغوطات على أرض الواقع، لا يزال مرهونا برئاسة بلديات الأحياء، ومعظم الأحياء التي يتواجد فيها السوريون بأعداد كبيرة تابعة لحزب العدالة والتنمية، إذ فاز العدالة والتنمية بـ 24 حيا من إجمالي أحياء إسطنبول البالغ عددها 39 حيا.

وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قد تعهد بتغيير يافطات المتاجر المكتوبة بالعربية واستبدالها بأخرى تركية خلال ستة أشهر، أو السماح بخيار الكتابة بالعربية بأحرف صغيرة.

ويخلص أسكه دلي، إلى أن فوز إمام أوغلو لن يؤثر بشكل كبير على السوريين، لأن صلاحيات البلديات مقتصرة على الخدمات فقط، فيما لا يحصل السوريون على مساعدات مباشرة من البلديات.

وكان أوزجان تانغو، رئيس بلدية مدينة بولو شمال غرب تركيا، قد أعلن قطع المساعدات العينية والمادية عن اللاجئين السوريين المقيمين في ولاية بولو، ليتبين لاحقا أن عدد السوريين الذين يتسلمون المساعدات لا يتعدى الـ 50 شخص من أصل 2300، بحسب أسكه دلي.

وأشار الصحفي بقناة أورينت السورية، إلى أن السوريين المقيمين في تركيا يحصلون على مساعدات مادية مباشرة تصلهم من الاتحاد الأوروبي عبر الهلال الأحمر.

ويرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة كوجالي التركية سمير صالحة، أن إمام أوغلو لن يسعى لتحويلات جذرية في ملف السوريين، وذلك من أجل الحفاظ على التوازنات بين حزب الشعب الجمهوري المعارض وبين القيادة السياسية المتمثلة في حكم العدالة والتنمية.

المصدر: الحرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.