إدلب هي رأس جبل الجليد وبإمكان الثورة استعادة دورها

22 مايو 2019آخر تحديث :
الثورة السورية
الثورة السورية

تركيا بالعربي

إدلب هي رأس جبل الجليد وبإمكان الثورة استعادة دورها

إلى الذين قالوا إنه قد تم بيع إدلب وأرادوا منا أن نبنيَ تصورنا لمستقبلنا على ذلك..

إلى الذين أكدوا لنا أن المرحلة العسكرية انتهت وأن الثورة لم يعد لها شأن في الميدان..

إلى الذين حاولوا إقناعنا أن الثورة أصبحت في الماضي..

نقول:

هنا إدلب

هنا حماة

هنا كفرنبودة

الثورة مستمرة

إلى عبيد الواقعية السياسية وأسرى نظريات المؤامرة: هناك مفهوم آخر اسمه صناعة التاريخ ولكنه يحتاج للتضحية والثبات وكسب الشرعية وتأييد شعبنا، إن كان شرح النظريات يرهقكم، فانظروا إلى ريف إدلب وحماة لتروا صناعة التاريخ واقعاً عملياً.

“الواقعية” كانت تقتضي أن يُهزم الثوار وأن تصل ميليشيات بوتين إلى إدلب، ولكن الثوار صنعوا “واقعية” جديدة تحت القصف وسياسة الأرض المحروقة في مواجهة ثاني أكبر قوة “عظمى” في العالم، ربما هذا درس للذين يستسلمون لـ”الواقعية السياسية” بعد مكالمة هاتفية أو إغلاق باب غرفة الاجتماعات.

آن الأوان للعدوّ وللحليف أن يدركوا أن نظام الأسد قد انتهى وأن يبنوا تصورهم لمستقبل سوريا على هذا الأساس، فبعد أسابيع من القصف الوحشي من قِبَل “القوات الفضائية الروسية” وحشد قوات “القط” والفرقة الرابعة، خسر النظام جل ما كسبه في ساعات، كيف لهذا النظام أن يحكم سوريا من جديد!

كم كان الثوار سيحتاجون من الوقت للوصول إلى دمشق لو أنهم امتلكوا غطاءً جوياً يمهد لهم ودولة “عظمى” تدعمهم، ومجتمعاً دولياً يحاصر عدوهم؟ بل ماذا لو أنهم حصلوا على سلاح نوعي فقط! لكن ما عند الله خير وأبقى، وحتى نتعلم أننا لن ننال حريتنا وكرامتنا إلا بسواعدنا وتضحياتنا.

قلنا من أكثر من سنة بينما كان البعض يبشر بانتهاء المرحلة العسكرية ودخولنا المرحلة السياسية الصرفة: إن الوضع العسكري في سوريا سوف ينفجر من جديد بسبب تضارب المصالح الدولية والإقليمية بطريقة غير قابلة للتصالح أو الانسجام، وإن أمل الثورة الوحيد هو انفجار الوضع من جديد رغم الثمن الباهظ.

السياسة الأمريكية تجاه إيران لن تفضيَ إلى مواجهة مباشرة ولكنها ستسبب القدر الكافي من التوتر، وضربات محدودة من شأنها إجبار إيران على إعادة تموضعها في سوريا وليس الخروج منها بالطبع، فإيران رهنت مستقبلها بشكل كامل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً على النصر في سوريا.

على عكس ما يظنه الكثيرون فإن نسبة التفاهم الحقيقي بين تركيا وروسيا هي في حدودها الدنيا ولا يوجد أفق حقيقي لتحسن التفاهم على المدى المنظور لأن تركيا تواجه حرباً وجودية داخلياً وخارجياً، فلا خيار لها والحال هذه إلا أن تخرج منها كدولة إقليمية عظمى لها دور دولي مؤثر، أو تواجه انحساراً يهدد مشروعها وهويتها.

إذا تجاوزنا الضجيج الإعلامي والتصريحات الرسمية والبروتوكولية؛ منذ توقيع اتفاقية سوتشي في أواخر أيلول 2018، نلاحظ عدم تحقق أيّ من أهدافها: فلا وقف لإطلاق النار بل العكس، ولم نشهد انطلاقة للمسار السياسي أو اللجنة الدستورية المزمعة، الهوّة لا تزال واسعة والوقت بدأ يتدارك روسيا في سوريا.

التنافس الروسي- الإيراني على أشده ولم يعد في الخفاء، وإحجام إيران عن المشاركة في معركة إدلب كشف سوأة النظام وضعفه من جديد، وافتقار روسيا لشريك عسكري حقيقي بعد فشل ذنبهم، التنافس الآن وصل إلى الساحة الاقتصادية وحتى الإدارية ومناطق النفوذ في سوريا.

نحن اليوم أمام نظام تفكك إلى ميليشيات تتقاسم ولاءها روسيا وإيران، ينخرها الفساد والتنافس، ومن بقي منهم خارج مظلة المحتلين بدأ بتوجيه أصابع الاتهام إلى رأس النظام الذي لم يعرف كيف يدير الأزمة ولجأ للدعارة السياسية وتسليم البلد للمحتلين بسبب عجزه وغبائه.

كل المعطيات والمؤشرات السابقة تدل على أننا مقبلون على صيف عسكري وسياسي حار وخانق ستستعر فيه المواجهة على مختلف المستويات بين الأطراف الإقليمية والدولية صاحبة المصالح في سوريا، هذه المواجهات المحفوفة بالمخاطر تمثل بالنسبة لنا فرصة جديدة لاستعادة دورنا الطبيعي في الحرب الدائرة.

بقلم لبيب نحاس / المصدر مدونة الكاتب

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.