لاتمثيل في المسلسلات التركية

13 فبراير 2019آخر تحديث :
لاتمثيل في المسلسلات التركية

لاتمثيل في المسلسلات التركية

المقدمة للكاتب محمد قدو افندي اوغلو

الدراما أبداع انساني اوجد ليلبي حاجات ضرورية في حياته ومنها حاجاته في الحصول على المعرفة وكذلك المتعة وقد أستطاع من خلال هذا الفن أن يقوم بتجسيد صور من الواقع من خلال المحاكاة الانسانية ذاتها ليحقق من خلالها عنصري الانبهار والجاذبية ولم تصلل الدراما الى ماوصلت اليه ألا بعدان استوفت عناصر البناء الفني .

جاء انتشار المسلسلات التركية في المنطقة العربية بالذات في وقت مليء بالاضطرابات والقلاقل. ونتاجات درامية امتلأت هي الأخرى بالعُنف، بدا أن لا مفر أمام المُشاهد من الأشياء التي تثير ضغوطه النفسية. حينها، أتت الدراما التركية لتكون بمثابة الملاذ الآمن. فمن المناظر الطبيعية الجميلة التي تصورها، للبيوت الواسعة الفخمة التي تدور في كثير منها الأحداث، لأبطالها من رجال ونساء ، بعلاقات اسرية اجتماعية وما تفيض به من رومانسية .

أحد أهم أسباب الانتشار الواسع الذي حققته الدراما التركية هو كوّنها وليدة لمجتمع شرقي، تنعكس عاداته وتقاليده على حبكاتها وأحداثها. فقبل أن تدخل الدراما التركية لدائرة الضوء، ظلت الدراما الأميركية وحدها المهيمنة لعقود بلا مُنافس أو بديل. وبالرغم من القدرة العالية التي امتلكتها تلك الدراما على اجتذاب جمهور عالمي، إلا أنها ظلت في الوقت نفسه تقف على مسافة بعيدة من فئات عريضة من الجماهير.

فالمُنتمين لمجتمعات شرقية محافظة، يتابعونها بهدف المُتعة وحدها، دون أن يجدوا بها انعكاسًا لهم أو تعبيرًا عنهم. وذلك لأن خلطة تلك الدراما المُعتمدة بشكل أساسي على جرعات عالية من العُنف والجنس، وإن نجحت في اجتذابهم إليها، إلا أنها ظلت في الوقت نفسه تشعرهم بالاغتراب عنها.

وعلى العكس من الدراما الأميركية، نجحت الدراما التركية في نقل نسيج المجتمع الشرقي، المُحافظ، الديني على الشاشة، ليجد بها المنتمون لتلك المجتمعات انعكاس لهم. فبدل من العُنف والجنس، تعتمد تلك الدراما على الرومانسية المُحببة التي كثيرًا ما يكون بطليها زوج وزوجة في إطار الزواج الشرعي. كان هذا أحد أهم الأسباب التي أدت لنجاح الكثير من المسلسلات التركية ان لم نقل جميعها في المجتمعات الشرقية، حيث صور علاقة الحب القائمة بين زوجين وما بها من لحظات رومانسية.

لاتمثيل في المسلسلات التركية

من خلال متابعاتي لمجموعة من المسلسلات التركية كانت لي بعض الملاحظات منها رغم طول حلقات بعض هذه المسلسلات الا ان التنوع في التكنيك والتنوع في الاداء تمثيلا وتصويرا وإخراجاً يجعل المُشاهد مشدودا الى الشاشة بشكل كبير جدا .

الاحداث والمعالجات الذكية -الا ماندر – يجعل المُشاهد متفاعلا مترقبا ومشاركا مع ما يجري.

الترف التمثيلي والخبرات والمواهب والإمكانيات والتسهيلات الفنية التي يتمتع بها السينما التركية بشكل عام خَلقت من الواقع التركي ساحة للتمثيل ولذلك فانك ترى واقعا حقيقيا لاتمثيلا سينمائيا،وما اجملها من واقع .

لغة الحوار والحوار الذي يدور رغم كثافته الا انه يضعك وضع متسائل هو ،هل ان هذا الكم الهائل من الحوار يجذبك ام يزعجك ام يجعلك في موضع الناقد ؟

نحن نعلم ان الحوار هي المادة الدسمة لاي عمل ادبي او درامي لانه يقيّم قدرة الكاتب على الابداع والسرد المنطقي وتوجيه الاحداث ومعالجاتها وهذا يتطلب القدرة على الابداع والتفكير المتمايز ،وفي الوقت نفسة الحوار الكثيف يُعتبر من الاسباب الرئيسية في اضعاف الاحداث والدراما وعبئا كبيرا للممثلين في حفظ ادوارهم .

اتمتع في الاستماع الى اللغة التركية لانني اعرفها ويزيدنا متعة قراءتي للترجمة العربية من على الشاشة لانها تضيف معرفة لمعرفتي فلغتي العربية الفصحى اقوى من لغتي التركية ، ان مشاهدة المسلسلات التركية بلغتها الام تضيف متعة اخري نظرا ان موسيقية اللغة التركية تجذب المشاهد اولا وتضفي الواقعية للواقع ،وان دبلجة المسلسلات ربما تساعد البعض على الفهم اللغوي ولكنها تبعدها عن جوها الحقيقي.

وهنا اريد ان اضيف ملاحظة للغة الترجمة المكتوبة على الشاشة حيث ان هنالك بعض الاغلاط الاملائية والكتابية في الترجمة في بعض المسلسلات على سبيل المثال لا الحصر في مجال الاغلاط الطباعية في بعض حلقات مسلسل لن أتخلى ابدا (‏Asla Vazgeçmem ) ومن الضروري للفنيين الالتفات اليها لانها وسيلة اضعاف العمل الفني والإبداعي ويتحملها المترجم .

ملاءمة الشخصيات والملامح الشخصية للممثلين والتركيز على التفاصيل الدقيقة والأزياء وأماكن التصوير وجمال الطبيعة الساحرة وتنوعها من مقومات نجاح العمل الدرامي في المسلسلات وهذا ما نلاحظه في اكثر المسلسلات التركية .

لقد استحوذت المسلسلات التركية على اهتمام المشاهد العربي وغدى الحديث عنها في المجالس العائلية والندوات التلفزيونية وكذلك على سلوك الشباب في الوطن العربي نظرا لطرحها مواضيع ذات مضمون انساني والسلوك المتحضر في المعالجات للمشاكل الاجتماعية في المجتمع الشرقي .

اضافة الى ذلك فقد قدَمت لنا المسلسلات التركيةصورا نابضة للحياة في تركيا وزيارات سياحية لاجمل الاماكن السياحية والتاريخية وثقافة حضارة عريقة . ناهيك عن اطيب الأكلات التركية .

الفنان سفير بلاده لدى العالم .

شكرا لكل مبدع .

ياسين احمد خلف يحيى اوغلو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.