توسع النظام السوري في نهب ووضع اليد على الأموال غير المنقولة للسوريين الذين تم تهجيرهم جراء القصف والحصار، ما يعيق عودتهم من المناطق التي لجؤوا أو نزحو إليها.
وتشير أرقام الهيئة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، إلى نزوح 6.6 ملايين شخص داخل البلاد، ولجوء 5.6 ملايين شخص خارج سوريا، منذ اندلاع الحرب قبل نحو 8 سنوات.
وبحسب معلومات حصل عليها مراسل الأناضول من المناطق التي انتزعها النظام من يد المعارضة، خلال السنوات الماضية في حمص وحلب ودمشق ودرعا، فإن النظام بدأ في الفترة الأخيرة بوضع يده على الأملاك التي تركها المهجرون بعد مغادرتهم للمنطقة، وتصاعدت وتيرة تلك الإجراءات مؤخرا.
وبالرغم من أن النظام دعا إلى عودة المهجرين إلى مناطقهم، إلا أنه تزامنا مع تلك الدعوات يقوم بوضع اليد على أموالهم، ما يشكل عائقا كبيرا لعودتهم في حال رغبوا بذلك.
ولشرعنة هذا الإجراء أصدر النظام القانون رقم ” 10 ” في نيسان/ أبريل الماضي، والذي ينص على مصادرة الأموال غير المنقولة، في حال لم يقم أصحابها بإثبات ملكيتهم لها خلال شهر.
وتزامنا مع إصدار القانون قامت قوات النظام بهدم منازل معارضين في المناطق التي غادروها بحلب ودمشق.
وقالت “هيومان رايتس ووتش”، في تقرير لها الأسبوع الماضي، إنها رصدت عبر صور من الأقمار الصناعية قيام النظام بهدم بيوت في حي القابون بدمشق، مشيرة أن الهدم تم دون أخطار مسبق وبدون تعويض أصحابها.
إجراءات النظام في هذا الصدد ليست جديدة، لكنها زادت بعد سيطرته على مناطق المعارضة.
فقد سبق وصادر منازل عدد من المعارضين البارزين، إضافة إلى مشاهير أبرزهم الإعلامي السوري فيصل القاسم بقناة الجزيرة القطرية.
وتم تحويل بيت فيصل قاسم إلى ثكنة عسكرية لجنود النظام في محافظة السويداء، جنوبي البلاد.
وحول الموضوع، أفاد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عبد الرحمن مصطفى، للأناضول، أن هدف النظام خلق تغيير ديمغرافي، إلى جانب قطع روابط المهجرين بأرضهم وإعاقة عودتهم.
وأوضح مصطفى أنهم يطرحون ملف احتجاز أموال المواطنين في المحافل الدولية، ويطالبون بالضغط على النظام لكي يتم إجباره على التخلي عن هذا الإجراء.
وأشار مصطفى أن النظام لا يحتاج إلى ذريعة لوضع يده على أملاك المواطنين، لأنه ينظر إلى البلاد كمزرعة خاصة، مؤكدا أن النظام ينوي مصادرة أموال الملايين ممن غادروا البلاد.
وتابع مصطفى “بحسب المعلومات التي بحوزتنا،فإن النظام يعمل على إضفاء شرعية على مصادرة أموال المواطنين عبر مديرية خاصة لهذا الغرض”.
وأوضح أنه يشكل قوائم تمهيدا لأحكام بالحجز على الممتلكات التي تركها المعارضون ورائهم، فيما يقوم الجهاز القضائي من فترة إلى أخرى بإصدار أسماء من تتم مصادرة أملاكهم.
وبحسب معلومات حصلت عليها الأناضول من مصادر محلية فإن قوات النظام داهمت منازل المهجرين من مدنيين وأطباء ونشطاء إغاثيين، في الغوطة الشرقية التي حاصرها لخمس سنوات، مؤكدة قيام قوات النظام بنهبها.
وقال يوسف البستاني، وهو صحفي تعاون مع الأناضول خلال فترة تواجده في الغوطة الشرقية أثناء حصارها وقصفها، إن “جيش النظام يعني جيش النهب وهم معروفون في البلاد بهذه الصفة”.
وأضاف: هذا الجيش قام بنهب بيوتنا واحدا واحدا بحسب ما أبلغنا به من بقي في الغوطة.
وتابع البستاني: “يقوم النظام باعتقال العائدين إلى الغوطة، قسم منهم بتهمة المعارضة والقسم الآخر للسوق للتجنيد الإجباري”.
ووصف البستاني القانون رقم “10” بالجائر، واعتبره بمثابة تهديد للمدنيين في مناطق سيطرة النظام، بأنهم في حال عدم تأييده فإنهم سيخسرون ممتلكاتهم
وكان وزير الإدارة المحلية والبيئة للنظام السوري حسين مخلوف، قال في إبريل/ نيسان الماضي، إنهم لن يعترفو بأي معاملات تجارية وبيع وشراء تمت في دوما خلال سيطرة فصائل المعارضة.
وفي السياق ذاته، قامت قوات النظام بنهب ومصادرة بيوت آلاف الأشخاص ممن هجروا منها نهاية العام 2016، بعد 4 سنوات من الحصار.
وقام عناصر النظام والميليشيات المحلية والأجنبية بالسكن في تلك البيوت أو تأجيرها ومنع عودة أصحابها إليها.
وبحسب مصادر في المعارضة فإن قوات النظام قامت بهدم العديد من بيوت المدنيين في حي كرم الطراب شرقي مدينة حلب.
فيما تواجه منازل في أحياء أخرى مثل كرم جزماتي وكرم ميسر وأرض الحمرة والحيدرية تهديدا بنفس المصير في ظل القانون رقم 10.
الأناضول