القواسم المشتركة بين ميشيل عون وبشار .. بقلم نعيم مصطفى

29 يوليو 2018آخر تحديث :
القواسم المشتركة بين ميشيل عون وبشار .. بقلم نعيم مصطفى

نعيم مصطفى / خاص تركيا بالعربي

ربما يضيق ذرعاً بعض من يرى هذا العنوان ويعتبر صاحبه متحاملاً على الرئيس عون الذي يقود دولة تتصدر قائمة الدول العربية في الديمقراطية ألا وهي لبنان، وربما يقول إن عون لم يرث السلطة عن أبيه ولم يقتل ويهجر ويعتقل شعبه على غرار بشار، ولا شك أن تلك الاعتراضات الافتراضية التي سيقت لمناصرة عون والذبّ عن ساحته جديرة بالمناقشة ونقرّ بها ولا ندحضها.

ولكن النقاط المشتركة بين الشخصين التي سأدفع بها أعتقد أنه حريّ بنا أن نتأملها.

أولا – إن عون قد عاش في دولة الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية والتي تصنف في الطبقة الأولى في العالم إلى جانب بعض شقيقاتها الأوربيات في تطبيقها للديمقراطية ونضالها من أجل حقوق الإنسان ألا وهي فرنسا.

وإن بشار أسد قد درس في دولة لا تقل عن سابقتها عراقة في الديمقراطية ونشر الحرية والعدالة بل يمكن أن تبزها وهي بريطانيا.

ولو أن الرجلين على الفطرة الإنسانية السوية في حب الخير والحق والجمال لحملا تلك القيم السامية إلى بلادهما وشرعا في تطبيقها ولكن الأمر جاء مناقضا تماما وللأسف.

بعد أن وصل المدعو بشار إلى سدة الحكم بطريقة التوريث في دولة نظامها جمهوري بدأ يمارس هواياته في الاستبداد وكم الأفواه رويداً رويداً بعد أن عقد عليه الشعب السوري الآمال العريضة بالاستفادة من التجربة البريطانية التي عاشها أثناء دراسته للطب هناك، لكن يبدو أنه درس في بريطانية وراح يطبق سياسة نيرون وهتلر وستالين وكل الطغاة عبر التاريخ، فما إن طالب شعبه بالحرية والعدالة حتى بدأ بسفك وسفح دمه فقتل ما يزيد على مليون وهجّر نحو سبعة ملايين واعتقل قرابة المليون إنساناً من أجل أن يبقى على كرسي الحكم هو وزوجته ويشبعان شهواتهما في المال والسلطة والشهرة.

وأما عون الذي مكث سنوات طوال (عقد ونصف) في فرنسا – فاراً من بطش المجرم حافظ أبو المجرم بشار – ومن المعول عليه أن يكون – إن كان معافى وسليما نفسياً وجسدياً – رجلاً فرنسياً في آلية تفكيره ومنهج حياته في التسامح والمحبة والصدق والعدل، ولكن الذي حصل أن كشّر عن أنيابه بعد اندلاع الثورة السورية التي حاكت الثورة الفرنسية في الشعارات التي طرحتها، ووقف بجانب السفاح والديكتاتور بشار وشدّ عضده في الظلم والقتل والتهجير.

والقاسم المشترك الثاني بين الكائنين هو أن كليهما مبتلى وغارق في الطائفية حتى أذنيه، ويزعمان أن الطرف الآخر هو الطائفي.

فبشار الذي ينتمي إلى طائفة صغيرة في سورية لا تكاد تمثل العشرة بالمئة قد ورث الطائفية المقيتة عن أبيه، فقد عمل أبوه أثناء حكمه على محاربة دين الشعب ولاحق كل المتدينين – أفراد ومنظمات – وأعمل فيهم سيف القتل والاعتقال والنفي بحجة أنهم إخوان مسلمون، وكل من يصلي في المسجد أو يطلق لحيته أو يعلم القرآن فتهمته أنه من الإخوان ويجب إنزال أشد العقوبات في حقه.

وقد قلد الابن أباه – ومن شابه أباه المجرم فقد ظلم – وحاكاه في الحقد والبغض والكراهية لكل من هو على غير شاكلته وطائفته وحاول – وقد نجح إلى حد بعيد – في تغيير ديموغرافية البلاد.

وأما عون فهو يحفظ صفحات كثيرة من الإنجيل المقدّس ومعروف أنه من المتدينين – وهذا أمر حسن – ولكنه ليس من المسيحيين الذين يتفاخرون بسماحة دينهم ويسعون لتطبيق ما ورد في إنجيل لوقا 6: 29

“من ضربك على خدّك فأعرض له الآخر أيضاً، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً”.

مع أن كثيراً من المسيحيين غير العرب يطبقون هذه المقولة ويتعاملون مع كل البشر على أساس الأخوة في الإنسانية وليس الاختلاف في الدين ونجد ذلك جلياً عند المستشارة الألمانية ميركل التي تستحق التقدير والاحترام ورفع القبعة، كما نجد ذلك عند ذاك الرجل المتميز في أخلاقه وقيمه ومبادئه وهو رئيس وزراء كندا جاستن ترودو وغيرهما الكثير…

أما السيد عون فإننا نجده يطبق ما ورد في إنجيل لوقا22: 36

“لا تظنوا أني جئت لألقي سلاحاً بل سيفاً وناراً وانقساماً”.

وهو بذلك يتقاطع مع داعش في تطرفه وقراءته لنصوص الإنجيل المقدس، فداعش تحاول لي أعناق النصوص المقدسة في القرآن الكريم والسنة المطهرة وتخرجها عن سياقها، لتكفّر الآخرين وتستبيح دماءهم، وكذلك عون يصنع الأمر ذاته في قراءته للكتاب المقدس الذي يؤمن به ليستبيح دم السوريين ويدفع بهم إلى مقصلة صديقه وحليفه بشار ليجهز عليهم.

ثمة تشابه بينهما أيضاً في عشقهما للكرسي فبشار يمكن أن يتخلى عن أقرب الناس له وقد فعل ذلك وقتل صهره وفريق من الضباط المخلصين له والسياسيين عندما رأى أن المجتمع الدولي لا يرضى عنهم، وهو لا يتوانى أن يقتل أخاه وأخته وكل من يشعر أنه يقف حجر عثرة أمام سلطته، لأن عشقه للسلطة ونرجسيته لا حدود لها.

كذلك نجد عون يتقارب ويتحالف مع كل من يساعده على الاستمرار في حكمه بغض النظر عن ماهيته حتى ولو كان شيطاناً فقد تحالف مع ميليشيا حسن نصر الله المصنفة إرهابياً والتي قتلت الشعب اللبناني فيما سبق بما عُرف ب7 أيار وتقتل الشعب السوري الآن، إضافة إلى تحالفه الذي ذكرناه مع الطاغية بشار، وكذلك نجده يمدّ يد المؤازرة من إيران الدولة الخارجة عن القوانين الدولية في سياستها التي يقودها شذاذ الآفاق.

وصفوة القول ثمة نقاط كثيرة متشابهة بين النرجسيين الطائفيين عون وبشار اكتفينا بعرض بعضها من أجل الاختزال وهي جديرة بوضع الكائنين في دائرة الزعماء الذين لعنهم التاريخ(ستالين، كالكولا، بوت، ميلوسيفيتش الخ…).

وأختم بمقولة للمناضل الأسطوري الراحل نيلسون مانديلا: “لا يدافع عن الفاسد إلا الفاسد، ولا يدافع عن الساقط إلا ساقط، ولا يدافع عن الحرية إلا الأحرار، ولا يدافع عن الثورة إلا الأبطال …وكل شخص فينا يعلم عن ماذا يدافع”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.