جمال خاشقجي / واشنطن بوست
أعد جمال خاشقجي، الكاتب والصحافي السعودي، مقالًا نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، يتحدث فيه عن الأوضاع في سوريا، وما كانت قد وعدت به الولايات المتحدة من أنها ستتخذ «تدابير حازمة ومناسبة» لحماية قرار وقف إطلاق النار في جنوب سوريا.
يقول خاشقجي إنه على الرغم من ذلك فإن الرئيس السوري بشار الأسد وكل من الروس والإيرانيين ما زالوا يتقدمون باتجاه المناطق الجنوبية للبلاد. كما أن جيش الأسد ما زال يمطر المنطقة الجنوبية بالضربات الجوية. إن قوات النظام السوري في طريقها لتكرار الكارثة الإنسانية ذاتها التي حدثت في حلب العام الماضي، وفي الغوطة الشرقية مارس (آذار) الماضي.
جنوب سوريا هي المنطقة المحررة، ودرعا هي مهد الحضارة السورية، ولم تسقط بعد. لكن مليون سوري يعيشون الآن في أمان نسبي خارج نطاق سيطرة النظام ومعروف عنهم الانتقام والأخذ بالثأر باتوا قلقين. بعضهم يفرون باتجاه الأردن، الذي يرفض استقبال المزيد من اللاجئين.
ويضيف الكاتب إنه حان الوقت لتقوم الولايات المتحدة بالتأكيد على سلطتها التقليدية في المنطقة. إن ذلك ليس من شأن الروس أو الإسرائيليين، الذين سيأتون باتفاق مشروط. فطالما تملك إيران أوراقًا استراتيجية في سوريا فإن فرصة النجاح ستكون معدومة. فالولايات المتحدة ستكون الوسيط الوحيد الصادق من بين الجهود الدولية لإعادة الأمن والعدالة لكل السوريين.
«يجب أن تتم حماية الجزء الجنوبي من البلاد من أجل تحقيق سلام دائم في سوريا». ويضيف خاشقجي إنه نصر للأسد أن لا وجود لحل كامل بقدر ما هي هدنة. إن المناطق التي يحكمها الأسد يسيطر عليها بالخوف وفقدان الأمل في الازدهار.
يرى الكاتب السعودي أنه على الولايات المتحدة أن تعرض تقسيمًا في سوريا. الأسد يمكنه الإبقاء على المناطق التي يسيطر عليها، والمعارضة يمكنها تكوين حكومات محلية وتدشين كيان جديد. ومع الاعتراف والدعم الدوليين قد يكون من الممكن إجراء انتخابات لمجالس محلية، وتقليص المتطرفين، ووضع نهاية للصراع الذي زعزع المنطقة وخلق أزمة لاجئين تنتشر وتتمدد عبر أوروبا.
إن القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) سيظلا -دائمًا- تهديدًا لكنهما سيلاقيان رفضًا على الأرجح من قبل المجتمع السوري محليًا، إذا كانت هناك قوات دولية وإقليمية تدعم الطموح السوري في حكم مدني معتدل.
ويقارب الكاتب الفكرة التي يطرحها بما يفعله الأتراك الآن في عفرين، حيث يدربون الشرطة وينظمون المجالس المحلية. وفي منطقة شرق الفرات، حيث سيطرة القوات الكردية السورية، فإن الأمريكيين والأتراك طوروا مفهومًا يسمح للقوات بالتواجد في مدينة منبج. يضيف خاشقجي أن هذا الوضع قد يكون أساسًا لتعاون أوسع بين الكثير من الأطراف في شمال سوريا ومناطق شرق الفرات. فالأتراك مستعدون لتدريب المزيد من الشرطة المحلية السورية وحتى البدء في إعادة الإعمار إذا ما أُخذ في الاعتبار مخاوفهم من وجود كردي مستقل.
إن حماية مناطق البلاد المختلفة هو أمر ملح وأساسي، وأفضل ضمان لذلك هو التمتع بقدر من الحكم الذاتي. يمكن للسكان المحليين واللاجئين العائدين استخدام القانون السوري الذي ألغته أسرة الأسد حينما اتخذت من السلطة مكانًا لبدء بنية تحتية مدنية جديدة. فهذه القوانين -وبعد كل شيء- تم إعدادها وصياغتها بواسطة برلمان منتخب.
يضيف خاشقجي أن هذه المناطق إذا تركت تعيش بسلام لسنوات قليلة فإنها ستزدهر. وسيعود اللاجئون الذين لم يؤسسوا حياة في الخارج، وسيهاجر غيرهم فارين من قبضة الأسد. هناك حوالي ستة ملايين سوري مشردين بين الأردن ولبنان وتركيا، ومنهم من يريد فقط العودة لوطنهم.
ويختتم الصحافي السعودي مقاله بأن هذه المناطق الحرة التي تحكمها مجالس منتخبة، ستكون نموذجًا لسوريا في المستقبل، خصوصًا إذا ما حققت هذه المناطق نجاحًا اقتصاديًا ما. سيأتي اليوم الذي سيكون العالم فيه أكثر قدرة على إنهاء التقسيم السوري. يمكن للفرد أن يتصور اليوم الذي سيجلس فيه ممثلو المناطق المحررة ذوي السلطة والخبرة مع ممثلي النظام للتفاوض من أجل توحيد سوريا في شكل أكثر ديمقراطية.