نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تقريرا، تناولت فيه خطر تعرض تحالف المعارضة التركية للتفكك بعد فوز أردوغان برئاسة البلاد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن الشعور بالمرارة طغى على أجواء مكتب حزب الشعب الجمهوري، وهو أحد أبرز أحزاب المعارضة في البلاد، بعد يوم واحد من إجراء الانتخابات الرئاسية التركية. ولم ينجح ناجي، أحد قدماء هذا الحزب، في إخفاء تأثره بالخسارة التي لحقت بحزبه في هذا التنافس الانتخابي.
وأشارت الصحيفة إلى أن ناجي، الذي كان محاطا بعشرات من الأعضاء الآخرين، ظل محافظا على صمته؛ بسبب إصغائه إلى الخطاب الذي طال انتظاره للمرشح الخاسر، محرم إينجه، الذي كان يبث على شاشة التلفزيون حينها.
في هذا الإطار، قال إينجه في خطابه إن “الانتخابات لم تكن عادلة، لكن ليس هناك فرق شاسع بين النتائج التي أعلنتها اللجنة الانتخابية وتلك التي توصلت إليها فرقنا الحزبية التي أشرفت على مراقبة الانتخابات، وأنا أقبل الهزيمة”. من جانبه، رفض ناجي تصديق النتائج، حيث أشار إلى أن “الشخص الذي تم انتخابه لا يُمثلني، وتنتظرنا أوقات صعبة في المستقبل”.
وذكرت الصحيفة أن أعضاء أحزاب المعارضة وأفرادا من المجتمع المدني كانوا شديدي الحذر خلال مواكبة سير الانتخابات. فقد أمضى المراقبون كامل يومهم وبعض ساعات من الليل بجانب صناديق الاقتراع، تحسبا لأقل التجاوزات. وعلى مدار اليوم، حامت شكوك عديدة حول حدوث بعض الانتهاكات، لا سيما في جنوب شرق البلاد.
من جانبهم، تحدث بعض المحامين عن هذه الشكوك على مواقع التواصل الاجتماعي. مع ذلك، وضع محرم إينجه، في خطابه الذي ألقاه يوم الاثنين، حدا لكل هذا الجدل القائم حول نتائج الانتخابات. وقد تساءل إينجه: “هل سرق الحزب الحاكم الأصوات؟ الإجابة هي نعم، لكن يظل من غير الممكن أن يسرق 10 ملايين صوت”.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن علي نارين، رئيس حزب الشعب الجمهوري في منطقة قاضي كوي قوله: “إننا لم نكن نتوقع نتيجة مماثلة، بل كنا بصدد الاستعداد لخوض جولة انتخابية ثانية. ويبدو أن الوقت قد حان الآن لطرح تساؤلات عديدة، كالتساؤل عن أسباب تحصلنا على هذه النتيجة، وعن الأخطاء التي ارتكبناها خلال كل حملة انتخابية، ومن ثم، كيف يمكن لنا توضيح ذلك للمواطنين؟”.
وربما تُفسر كل هذه التساؤلات صمت قادة حزب الشعب الجمهوري، الذي تلا الإعلان عن النتائج. فقد أوضح أحد أعضاء الحزب أن هذه الخسارة تعود إلى التركيز على الانتخابات التشريعية على حساب الرئاسية. وتجدر الإشارة إلى أن التحالف الذي ضم ثلاثة أحزاب من المعارضة، وهم حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير وحزب السعادة، تمكن من نيل ثقة عدد هام من الأتراك خلال الانتخابات التشريعية.
وأوردت الصحيفة أن حزب الشعب الجمهوري تحصل على 22.64 بالمئة من جملة الأصوات، في الوقت الذي صوت فيه 9.95 بالمئة من الناخبين لصالح حزب الخير. أما حزب السعادة، فلم يتجاوز نصيبه من الأصوات 1.35 بالمئة. وعلى الرغم من كونه يمثل سابقة من نوعه، إلا أن هذا الائتلاف لم يكن كافيا للسماح لجملة هذه الأحزاب بالفوز بالأغلبية المطلقة في البرلمان.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان هذا التكتل الحزبي المعارض سيختفي بعد مرور بضعة أشهر، حيث تشغل هذه المسألة، في الوقت الحالي، تفكير أطراف عديدة. وفي هذا السياق، أفاد عصمت أكشا، المختص في العلوم السياسية، بأنه يعتقد “أن هذا التحالف البرلماني قد يصمد لبعض الوقت. لكن، قد يحاول الرئيس أردوغان استمالة حزب ميرال أكشينار، وضمه إلى صفه، باعتبار أن الحزبين يدافعان عن القضايا ذاتها، على غرار مسألة الأمن القومي والملف الكردي. ومن شأن ذلك تعزيز قوة الائتلاف بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية من ناحية، وتقسيم التحالف المعارض من ناحية أخرى”.
وعرجت الصحيفة على أنه سبق لمسؤولين في حزب الشعب الجمهوري أن عبروا عن هذه المخاوف. ولا يستبعد علي نارين حدوث ذلك، مستشهدا بتجارب خيانة سابقة، حيث قال إنه “قبل بضع سنوات، تسبب الزعيم الحالي لحزب الحركة القومية في فضيحة، حين انضم ابن مؤسس الحركة إلى حزب العدالة والتنمية”.
وأضاف نارين أن “ميرال أكشينار فعلت الأمر ذاته عندما تقرّب حزب الحركة القومية من حزب العدالة والتنمية. لكن، من يضمن لنا اليوم أن أكشينار لن تتحالف مع الحزب الحاكم؟”. وقد سعت هذه السياسية إلى تقديم بديل يُنسي أعضاء حزب الحركة خيبة أملهم، من خلال تكوين حزب الخير. ولكن بالنظر إلى النتائج الجيدة لحزب الحركة القومية، (الذي تحصل على 11.11 بالمئة من الأصوات)، يمكن لبعض النواب العودة إلى أسرتهم السياسية الأولى.
وبينت الصحيفة أن صلاح الدين دميرطاش، مرشح حزب الشعوب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، كتب من داخل زنزانته في تغريدة نشرها على حسابه الخاص على موقع تويتر قائلا: “أنا ممتن لجميع أصدقائنا الذين نشطوا خلال هذه الحملة غير العادلة وغير المتكافئة. ففي ظل ظروف مماثلة، يعد مجرد تواجد حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان نجاحا كبيرا في حد ذاته”.
في الأثناء، يتمثل الرهان الجديد للمعارضة التركية في المحافظة على وحدتها في مواجهة الأغلبية الحاكمة.