محمدعويس / خاص تركيا بالعربي
الانتخابات التركية حزيران/ يونيه 2018، تمثل نقلة نوعية على مسار الديمقراطية بتأسيس نظام رئاسي جديد مصيري،يتحكم في مسارات الدولة التركيا الحديثة،محليا وإقليميا ودولياً.
معسكرات الصراع
الصراعات الدائرة داخل تركيا ليست صراعات ديمقرطية فحسب، بل لها أبعاد أخرى،حتى وإن اصطبغ غلافها الخارجي بانتخابات مصيرية رئاسية كانت أو برلمانية،فما كان في تموز يوليو 2016 من محاولة انقلابية دموية فاشلة إلا دليلا على ذلك، وما لتسليح حزب االعمال الكردستاني داخل تركيا وخارجها إلا دليلا على ذلك، وما للعمل على إشاعة كل ما يخالف الاسلام في تلك الدولة من معتقدات غريبة غربية وأبعادها عن تاريخها ومجدها المشرف إلا دليلا على ذلك، وما كان العمل الدؤوب على اسقاط الاقتصاد التركي وانهيار العملة المحلية إلا دليلا على ذلك.
الصراعات داخل تركيا منذ زمن بعيد بل وفي العالم الاسلامي ككل، مستمرة لم تنتهي بين معسكرين ، أحدهما ذات طابع ديني متمسك بولائه لدينة وتاريخ وفتوحات أجداده المجيدة، وآخر يميل إلى أيدلوجيات وأفكار غربية غريبة ذات طابع تحرري، إما بالتقليد أو الانخراط في أفكار تلك المجتماعات الغربية ،ليحقق لهم من وراء ذلك بقصد أوبدون قصد مآرب تلك الأنظمة للنيل من دينه وأرضه وشعبه.
تعد فاتورة الاستقلال عن القوى الامبريالية تلك الفترات الصعبة والأوقات العصيبة والأزمات المتلاحقة التي تعيشها تركيا الآن،ما أن تفشل خطة حتى تبدأ في الظهور أخرى ،لتتوالى مسلسل المخططات ،ما إن ينتهي حتى تصبح تركيا رقما في النظام العالمي الجديد في عام 2023.
التحديدات التي سوف تواجه النظام الرئاسي الجديد سوف تشكل الصورة النهائية والتي سوف تأول إليه هذا البلد فيما بعد،ايا من سيمثل هذا النظام الجديد.
إذ يعد فوز الرئيس رجب طيب أردوغان،وهو أقرب السناريوهات للواقع، الأمر الذي يعد استكمالا لمسيرة الاستقلال التي بدأها منذ فترة،لكن التنازلات والوعود التي قدمها السيد أردوغان لبعض الاطراف والأيدلوجيات القومية الاخرى في الوقت الحاضر ،ليتدارك بها اخفاقات حزب العدالة والتنمية الحاكم ،بسبب التشكيك في عدم كفاءته لاحراز تقدم ملموس ينهي مع الانتخابات بأغلبية ساحقة،من الممكن أن تعرق تسريع خطى مشروعه النهضوي تحت ظل النظام الرئاسي الجديد.
التغيرات المأمولة
من المنتظر أن يطرأ بعض التغيرات المأمولة على شكل الدولة التركية الحديثة داخليا وخارجياً، في ظل وجود أردوغان على سدة الحكم في النظام الرئاسي الجديد منها على سبيل المثال:
-المواجهة القريبة للقضاء على براثين العلمانية بالمفهوم القديم، والأفكار الاسلامية المشوشة، والتنظيمات والايدلوجيات والأفكار المعادية للدولة التركية خاصة وللأمة عامة.
– العمل على بث مزيدا من التوعية لخلق جيلا جديدا يحمل معه أمانة أجداده وتاريخهم المشرف،والتمسّك بعقيدتهم الاسلامية في موجهة الانظمة الامبريالية العالمية.
– تحطيم ( الصنم ) والذي لا يخلو كتابا مدرسيا أو ميدانا دا خل حياً أو إدارة تابعة للدولة كبيرة كانت أم صغيرة من صورته أو تجسيمه، وقد يأخذ وقتا كبيرا في ذلك.
– التغييرات التي سوف تطرأ على بعض القوانين،والتي ساعدت على انتشار السلوكيات اللاأخلاقية كالقمار أو الخمر أو حتى بيوت الدعارة.
– مزيدا من التنمية بإقرار 16 وزارة بدلا من 26 ترشيدا للنفقات والكفاءة العالية،ما ينتج عنها طفرة في الذكاء الاصطناعي،ورفع عائدات الصادرات إلى 500 مليار دولار ،وجعل مدينة اسطنبول مركز ماليا عالمياً، وزيادة الخدمات،واستقرار قيمة العملة المحلية “الليرة” ..إلخ.
– تسوية ما تبقى من القضية الكردية في نفوس بعض الاكراد.