محمد رشدي شربجي / صحيفة عنب بلدي
خلال ستة أسابيع، فصلت الولايات المتحدة حوالي ألفي طفل قاصر (بعضهم لم يكمل شهره الأول) عن ذويهم الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية.. مرعبة هي صور معسكرات الأطفال القادمة من أقدم ديمقراطية في العالم.
لقد بنى ترامب حملته التي انتخبه عليها الشعب الأمريكي، أو نصفه على الأقل، على كراهية اللاجئين والأجانب والتخويف منهم، وهذا بطبيعة الحال جزء من موجة شعبوية عالمية تقف أمريكا على رأسها.
في أوروبا أقر البرلمان المجري -المنتخب ديمقراطيًا- قانونًا يعاقب بموجبه من يساعد اللاجئين. رئيس الوزراء هناك، فكتور أوربان، كان قد كرم بنفسه غير مرة “صائدي اللاجئين”، وهي مجموعات مدنية لا تتبع لجهاز الدولة، سيّرت دوريات على طول الحدود الغربية للبلاد بهدف اعتقال اللاجئين ومنعهم من دخول البلاد.
ليس بعيدًا عن هنغاريا، هناك في إيطاليا، يريد زعيم فاشيّي تحالف الشمال، ماتيو سالفيني، وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء، أن يترك اللاجئين يغرقون في البحر المتوسط، وهو ذاته الراغب بإجراء إحصاء استثنائي للغجر في بلاده والسماح فقط، مع الأسف بحسب تعبيره، للإيطاليين منهم بالبقاء.
في ألمانيا التي بدت لوقت طويل محصنة من الشعبوية يقف التحالف التاريخي بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري على حافة الانهيار بسبب اللاجئين.
في تركيا يشتم مرشحو المعارضة اللاجئين ليل نهار، ويتوعدون بإعادتهم إلى بلادهم وإراحة الأتراك منهم.
الخوف والرعب من اللاجئ السوري -وقد امتلأت بيوتنا حقائب سفر- يسمعه هذا اللاجئ الشرير أينما حل وارتحل. في لبنان الذي احتل موقعًا متقدمًا جدًا على مقياس العنصرية، شرقًا وغربًا، يحاصر اللاجئ الهارب من جحيم الأسد خطاب واحد، الغرباء الأشرار يريدون سرقتنا، وهو ذات السبب الذي يدفع ترامب لخوض حرب تجارية مع العالم ستنتهي -لو كرر التاريخ نفسه- بحرب عالمية ثالثة كما انتهت أزمة الكساد الكبير 1933 بالحرب الثانية.
من كان يتخيل أن يكون هذا العالم بهذا المقدار من المرض والضعف، من كان يتخيل أن يكون لاجئ سوري دمرته براميل الأسد، وكوت جسمه سنوات العذاب في سجن صيدنايا قادرًا على إحداث كل هذا الاضطراب في النظام العالمي؟ تحية للاجئين منبع الشر وهم يدمرون هذا العالم.