هل تستطيع المعارضة التركية إعادة السوريين إلى بلادهم في حال الفوز بالانتخابات وتجريد الجنسية من المجنسين حديثاً؟

16 مايو 2018آخر تحديث :
رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيلتشدار أوغلو
رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيلتشدار أوغلو

جدد أكبر رموز المعارضة التركية وزعيم حزب الشعب الجمهوري “كمال كلتشدار أوغلو” الوعود بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في حال الفوز بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية في أواخر شهر حزيران المقبل.

وقال “كلتشدار” اليوم الإثنين في مهرجان خطابي بولاية مرسين أبرز معاقل الحزب المعارض: “إنه في حال فوز مرشح حزبه “محرم إينجة” في الانتخابات فسيقوم بإنهاء الحرب في سوريا بأسرع وقت وإعادة اللاجئين إليها بعد بناء منازلهم ومدارسهم وتأهيل البنية التحتية”.

وسبقه إلى ذلك زعيمة حزب “الجيد” المرشحة للرئاسة التركية “ميرال أكشنار”، حيث قطعت وعداً أمام تجمع جماهيري في ولاية مرسين بأن تعيد 200 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم قبل نهاية عام 2019، وتعهدت بأن “يتناول السوريون إفطارهم في شهر رمضان قرب إخوانهم في سوريا”.

وقد أثارت تصريحات قيادات المعارضة التركية المخاوف لدى السوريين المقيمين على الأراضي التركية والبالغ عددهم قرابة 3.5 مليون من إمكانية إرغامهم على العودة إلى بلادهم دون استقرار الأوضاع هناك وحصول عملية انتقال سياسي، خاصة أن غالبيتهم ينحدرون من المدن التي شهدت تظاهرات بمئات الآلاف ضد نظام الأسد وتعرضت للقصف والتدمير.

وإلى جانب تلك المخاوف ثارت تساؤلات أخرى حول قدرة المعارضة على سحب الجنسية من السوريين الذين حصلوا عليها بشكل استثنائي في حال وصولهم إلى الحكم، وكذلك ثمة حديث عن شروطٍ وَضَعَها حزب الحركة القومية على حزب العدالة والتنمية من أجل التحالف ودعم ترشح “أردوغان”، وأن هذه الشروط متعلقة بشكل أساسي بالسياسة الخارجية وتحديداً ما يتعلق بالملف السوري، والوجود العربي عموماً والسوري خصوصاً على الأراضي التركية.

واستبعد الباحث السوري المطَّلع على الشأن التركي “ماهر علوش” أن تستطيع المعارضة التركية تنفيذ وعودها بطرد اللاجئين السوريين والجاليات العربية من البلاد، معللاً ذلك بأن ملف اللاجئين السوريين هو ملف دولي يدار بشكل إقليمي، ومن ثَمَّ فلا إمكانية لأي حكومة إقليمية أن تتخذ قراراً بهذا الحجم دون وجود توافقات دولية.

وأضاف “علوش” في تصريح لـ “نداء سوريا”: التوافق الدولي حول موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم غير متاح حالياً، فلا يوجد أفق لتسوية سياسية للملف السوري، وكل ما يجري الحديث عنه حالياً بخصوص سوريا هو دعم مناطق استقرار جزئي خاضعة للنفوذ الدولي والإقليمي”.

واعتبر أن قضية اللاجئين تشكل عبئاً على المجتمع الدولي على المستويين الاقتصادي والأمني، وبالتحديد لدى مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، فلو اتخذت المعارضة التركية قراراً بإعادة اللاجئين دون تسوية سياسية فإن أوروبا ستكون عرضة لموجة كبيرة من اللاجئين، وهذا ما لا يمكن أن تسكت عنه الدول الأوروبية، خاصة في ظل تصاعد أحزاب اليمين المتطرف، التي تتخذ من قضية المهاجرين عنواناً أساسياً في معاركها الانتخابية.

وقال “علوش”: أعتقد أن هذه التصريحات لا تتعدى كونها دعاية انتخابية موجَّهة لناخب محدد؛ فمن المعروف – مثلاً – أن ولاية مرسين ذات توجه خاص، وتُعَد من أهم معاقل المعارضة التركية، ومن ثَمَّ ينبغي قراءة تصريحات “كمال كلتشدار أوغلو” وَ “ميرال أكشينار” في سياق مخاطبة مشاعر الجماهير لا أكثر، ويتأكد هذا بالنظر إلى ربط “أكشينار” ما بين تراجع الأوضاع الاقتصادية في البلاد وما بين وجود اللاجئين السوريين، وادعاء أنهم عادوا بتأثيرات سلبية على الاقتصاد التركي، وهذا تماماً هو الأسلوب المعتاد لدى المعارضة في استثارة مشاعر الناخب التركي.

ورفض الباحث السوري التسليم بفرضية وجود صفقات حزبية بين الحركة القومية، وحزب العدالة والتنمية تتعلق بملف اللاجئين السوريين وتغيير النهج تجاههم، مشيراً إلى أن الشروط الأربعة التي طرحتها الحركة القومية عام 2015 من أجل التحالف مع الحزب الحاكم لم يكن أي منها متعلقاً بموضوع السوريين.

وردَّ العلاقة المتطورة باستمرار التحالف بين الحزبين منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2017 إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها تركيا على صعيد السياسة الخارجية، موضحاً أن “دولت بهشلي” زعيم الحركة القومية معروف في الأوساط السياسية التركية أنه يتحرك بموجب أجندة وطنية بحتة، ودافعه الأساسي البحث عن الاستقرار الداخلي لبلاده، حيث سارع إلى استئصال المنتمين لجماعة “فتح الله غولن” من حزبه إبَّان الانقلاب الفاشل، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب على صعيد الحزب الذي تعرض لهزات عديدة أبرزها انشقاق من يوصفون بـ “المتمردين” على سياسة الحزب بقيادة “أكشنار”، وكذلك استقالة مساعد رئيسه “أوميد أوزداغ”.

هل يمكن تجريد السوريين من الجنسية الاستثنائية؟

أكد دكتور القانون العام ومدير البرامج في مركز الحوار السوري “أحمد قربي” أن المعارضة غير قادرة على اتخاذ قرار عام يجرِّد جميع السوريين الحاصلين على الجنسية التركية بشكل استثنائي منها لأنها محكومة بالقانون التركي.
وقال “قربي” في حديث لـ “نداء سوريا” إن القانون التركي يبيح سحب الجنسية في ثلاث حالات، وتتم عن طريق اقتراح من الوزير وقرارٍ من مجلس الوزراء حصراً: الأولى يتوجب أن تثبت المحكمة على حامل الجنسية تقديمه خدمات لدولة أجنبية تتناقض مع مصالح الدولة التركية، والثانية في حال تقديم الحاصل على الجنسية لخدمة طواعيةً لدولة في حالة حرب مع تركيا ولم ينهوا هذه الخدمات خلال 3 أشهر من تاريخ إخطارهم من قبل الحكومة، والثالثة في حال تقديم خدمة عسكرية طواعية لدولة أجنبية دون الحصول على إذن رسمي.

وبحسب الـ “قربي” فإنه يجوز إلغاء الجنسية بموجب المادة 31 من القانون التركي، وتنص على أنه في حال تقدم شخص لطلب الجنسية وزوَّر أو أخفى أي وثيقة رسمية، يحق للسلطة إلغاء الجنسية في حال اكتشاف أمره، ويكون قرار الإلغاء ساري المفعول بأثر رجعي، وكذلك تسري على أولاده وزوجته.
ويرى الـ “قربي” أيضاً أن المعارضة لن يكون أمامها خيارات في حال نجحت في الانتخابات الرئاسية، أو النيابية سوى استصدار قوانين تخولهم نزع الجنسيات عبر القانون، وهذا أمر غير مستبعَد على اعتبار أن “تحالف الشعب” الذي يضم حزب العدالة والتنمية والحركة القومية والاتحاد الكبير ليس رقماً سهلاً، وإنما بحسب استطلاعات الرأي ونتائج الانتخابات السابقة فهو المرشح الأقوى للفوز، وكذلك ستكون كتلته النيابية عقبة أمام تمرير أي قانون.

وتعتبر الانتخابات الرئاسية القادمة نقطة تحول في تاريخ البلاد على اعتبار أنها المرة الأولى التي ستشهد تطبيق النظام الرئاسي بدلاً من البرلماني الذي تم اقراره في استفتاء عام 2017.

المصدر: نداء سوريا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.