اكّد عدد من الخبراء والباحثين، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تمتلك سياسة واضحة تجاه سوريا، وأنها في حال كانت تريد استمرار التعاون مع تركيا، فيجب عليها تغيير موقفها الداعم لتنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” الإرهابي.
جاء ذلك في لقاءات اجريت مع عدد من الباحثين والخبراء السياسيين، وتم الحديث عن عدم التزام واشنطن بالوعود التي قطعتها لأنقرة بانسحاب تنظيم “ي ب ك” الإرهابي من المنطقة بعد تطهيرها من تنظيم “داعش” الإرهابي الآخر، وطبيعة السياسة التي ستتبعها الإدارة الأمريكية في سوريا ضمن إطار علاقاتها مع تركيا.
وفي هذا الصدد، قال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمجموعة الأزمات الدولية، إن السياسة الأمريكية تجاه سوريا غير واضحة منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما (2009 – 2017).
وأضاف “إن أهداف السياسة غير واضحة ومتناقضة بعض الأحيان”، وتابع متسائلاً: “هل الهدف هو القضاء على تنظيم داعش، أم التخلص من نظام الأسد، أم تقليص نفوذ إيران بالمنطقة؟”.
واعتبر أن هذه الأهداف بقدر ما هي متعلقة ببعضها البعض، فإنها تتضمن تناقضات أيضاً، موضحاً: “إن كانت واشنطن تفضل التعاون مع تنظيم ي ب ك في مكافحتها لتنظيم داعش، فمن الواضح أنها ستعيش أزمة مع تركيا، وهو ما حصل خلال السنوات الماضية”.
وأكد هيلترمان على أن “التعاون مع تركيا ضمن إطار (حلف) الناتو وبقية المجالات يحمل أهمية أكبر بالنسبة للولايات المتحدة، لقلقها من التقارب التركي الروسي، ولهذا السبب فإن واشنطن مجبرة على تغيير موقفها من تنظيم ي ب ك”.
– أمريكا تريد بقاء تركيا ضمن الناتو
الصحافي البريطاني ديفيد هيرست، مدير تحرير موقع “ميدل إيست آي”، أشار بدوره إلى وجود اختلافات بين تركيا والولايات المتحدة بخصوص تصنيف مصالحها.
وقال بهذا الشأن “إن سيطرة ي ب ك على المنطقة الممتدة من مدينة منبج لغاية الحدود العراقية في شمالي سوريا على الحدود المتاخمة لتركيا، يشكل خطراً على الأمن القومي التركي”.
وتابع: “في حين أن الولايات المتحدة تدرب وتجهّز تنظيم ي ب ك بناءً على النمط الغربي، وترى فيه موطئ قدم لها في سوريا”.
ولفت إلى أن تجاوز الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول تصنيف “ي ب ك”، لن يكون ممكناً إلا نتيجة سلسلة مفاوضات طويلة وصعبة، تتعهد واشنطن بموجبها بأن الأسلحة التي تقدمها للتنظيم لن تتجاوز الحدود التركية، إذ يمكن وقتها التوصل لاتفاق مع تركيا حول ضمان أمن حدودها.
وأشار هيرست إلى مجموعة العمل المشترك التي تأسست بين تركيا والولايات المتحدة، لافتا إلى أن واشنطن لا تريد تحويل اختلاف وجهات النظر بين البلدين إلى نزاع.
كما أكد أن الولايات المتحدة تريد لتركيا البقاء ضمن صفوف الناتو، حيث يحمل وجودها ضمن الحلف أهمية كبرى بالنسبة لشمالي سوريا.
– واشنطن شريك غير موثوق
من جانبه، شدّد رئيس “منتدى الشرق” وضّاح خنفر، على أن موقف واشنطن من تواجد “ي ب ك/ بي كا كا” شمالي سوريا، أثبت لتركيا مجددا بأن الولايات المتحدة شريك لا يمكن الوثوق به، وبأن واشنطن لم تفهم المنطقة جيدا.
وأردف “من خلال دعم الولايات المتحدة لمجموعات تهدد الأمن القومي التركي، أثبتت أنها لن تصبح شريكاً لتركيا على المدى البعيد، ولدى التلاعب بهكذا مواضيع حساسة في أي مكان حول العالم، سيكون الرد قاسيا”.
وأضاف “أعتقد أن تركيا تجيب برد فعل محق تجاه سياسات الولايات المتحدة بالمنطقة. إن أمريكا فقدت اتجاه بوصلتها في علاقاتها مع تركيا، حيث أنها لا تفهم مدى قوة وسرعة الحكومة التركية في الدفاع عن أمنها القومي”.
بدوره أفاد، الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أن تركيا “تتصرف بصبر وتتناول التطورات بالمنطقة خطوة بخطوة”.
وتابع قائلاً “لقد شاهدنا جميعاً الآلية التي اتبعتها تركيا في تحرير عفرين، لقد كانت بطيئة وناجحة جداً، وربما تفعل نفس الشيئ تجاه منبج، إذ لا تتخذ موقف هجومي شديد، وتدخل في مفاوضات مع الجانب الأمريكي”.
وأضاف في ذات الشأن “إن تركيا تدرك تخبط الموقف الأمريكي، حيث تتعهد بانسحاب ي ب ك تارة، وتؤكد دعمها لدخول القوات العربية السورية إلى منبج تارة أخرى، وبرأيي إن الإدارة التركية تتعامل مع الملف بشكل صحيح”.
المصدر: الأناضول