ليست الزعامة كلمة مجردة، يمكن أن يوصف بها كل من جلس على عرش دولة، أو تبوأ مكانة رفيعة بين قومه، لكنها مرتبطة بمواصفات فريدة، وخصائص نادرة، تنصهر في بوتقة واحدة، لتشكل شخصية الزعيم، وهو ما يتناوله كتاب صدر حديثا تحت عنوان “أردوغان والزعامة السياسية”.
صدر الكتاب في نسخته العربية عن دار الرحاب الحديثة في لبنان، ويتحدث عن شخصية الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، بطريقة تعتمد على البحث العلمي الأكاديمي، من المصادر المتنوعة تاريخيا.
والكتاب من تأليف نائب رئيس الوزراء التركي السابق، والنائب البرلماني حاليا، يالجين أكدوغان، صدر باللغة التركية عام 2017، وجرى ترجمته للعربية والإنكليزية، وسيجرى ترجمته للغات أخرى لاحقا.
ويتألف الكتاب من عدة أقسام، تتناول أزمات العالم التي تنبع من السياسة، وبحاجة لحلها من قبل زعيم سياسي، لتظهر شخصية أردوغان التي نمت سياسيا من عدة جوانب، يستعرضها الكاتب، منها تعرضه للاعتقال، وتأسيسه حزبا، ومواقفه من الأحداث الهامة، ونظرته للعالم، وعلاقاته مع الدول الكبرى.
المؤلف أكدوغان، قال في كتابه ” تسيطر على العالم النزاعات الداخلية والاشتباكات والفقر والتمييز، بسبب السياسة، وفشل السياسيين في وضع حلول لها، ومن هنا تأتي أهمية الزعامة التي تبوأها أردوغان، إزاء هذه المشكلات”.
وأضاف أكدوغان للأناضول “الكتاب نشر عام 2017، ولاقى انتشارا كبيرا في تركيا، لذا نشر الكتاب في لندن بالإنكليزية، وفي بيروت بالعربية، وسيتم نشره بالروسية، والتركية الأذرية لاحقا، حيث تساهم هذه النسخ بالرد على الحملات النفسية، الموجهة ضد أردوغان وتركيا بالفترة الأخيرة”.
ولفت إلى أنه “إزاء حملات التشويه التي يتعرض لها أردوغان، سيساهم هذا الكتاب باللغات الأخرى، في تعريف الناس أكثر بشخصه عن قرب، حيث إن توضيح زعامة أردوغان عبر الأمثلة، يحمل أهمية كبيرة لهؤلاء الناس”.
أكدوغان أكد أن “أردوغان يقول ويحول أقواله لأفعال، عكس كثيرين يكتفون بالخطابات الحماسية، ففي مسألة اللاجئين مثلا، لم يكتف بالقول إزاء 3 ملايين لاجئ في تركيا، بل تبناهم بشكل كامل، وفي المسألة الفلسطينية، قال عبارته الشهيرة ون منت، ولم يكتف بذلك، بل أقدم على خطوات لاحقة بعدها”.
و”ون منت” (دقيقة واحدة) عبارة قالها أردوغان بغضب في 30 يناير 2009 (وقتها كان رئيسا للوزراء)، للرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز على هامش منتدى دافوس الاقتصادي، على خلفية دفاع بيريز عن العدوان الإسرائيلي على غزة (27 ديسمبر- 18 يناير 2009)، قبل أن ينسحب أردوغان من الجلسة.
وعن النسخة العربية للكتاب، قال أكدوغان “في العالم العربي يحبون شخصية أردوغان، ولكن كيف شخصيته كزعيم؟ وما هي المواصفات التي لديه؟ فالكتاب يجيب عن هذه الاستفسارات، بتقديم معلومات كافية وخلفيات عنه، وبالتالي فإن وصول محبيه لمعلومات عنه أكثر، سيتم عبر الكتاب بالنسخة العربية”.
ولفت أن “حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، استطاع التوسع على عكس الأحزاب السابقة، وحل المشكلات المستعصية في تركيا، بفضل شخصية أردوغان التي تتمتع بامتلاكه رؤية وتفكيرا، وزعامة كاريزمية، وخاصة علاقته التي بناها مع الشعب، والتي تعتمد على الثقة”.
وشدد على أن “هناك كثير من الصفات والمميزات التي تخص شخصية أردوغان، من الشجاعة والنبل، والمصداقية، والعمل بصدق، ملاحقا جميع المسائل من أجل حلها، وفي الوقت الحالي هناك عدد قليل من الزعماء في العالم، من بينهم أردوغان”.
أحمد فواز مالك مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر، تحدث للأناضول قائلا “الكتاب يكتسب أهمية كبرى بمرجعيته الفكرية بعلم السياسة والاجتماع، وسيرة ومسيرة قائد فذ من الممكن أن يستفيد منه كل مفكر أو منظر أو طالب علم في مجال الفكر السياسي”.
وأضاف “في هذا الكتاب، تميّز المؤلف ككاتب أكاديمي، ومفكر ومحلل ومتابع لمسيرة أردوغان عن قرب، فتجد بالكتاب ملاحظات يومية اتبعها الرئيس، وممارسات إنسانية نابعة من اختلاطه بمجتمعه الذي احتضن فكره وفهم تطلعاته”.
وزاد “كما أن الكتاب يضم مبادئ فكرية وسياسية لكبار الفلاسفة والمفكرين بالعالم عبر التاريخ الحديث والمتوسط، هو بذلك يعطي دروسا بعلم السياسة، وأخرى مهمة بعلم تولي القيادة الجماهيرية، وكيفية صعود القائد مع شعبه لسدة القرار”.
وتابع قوله “لاحظنا أن الكتاب يوفر على القارئ، قراءة عدة كتب بالفكر السياسي والاجتماعي، واللافت أن الكتاب يعطي فكرة بديهية عن ممارسة أردوغان الإنسانية، والمعتمدة على الوضوح والشفافية، كقائد شعبي، مغايرة تماما لفكر مكيافيلي، الذي يقرأه كل العرب بشغف، وهو الذي يعلم استبداد السياسي كقائد متسلط، وليس لخدمة الناس”.
وأكد فواز أن “نشر الكتاب بالمنطقة العربية، هو رسالة حب لكل قارئ عربي يتطلع للاستفادة من خبرة ومسيرة قائد عمل لصالح شعبه، ونقل بلده لدولة عظمى تحاكي الدول الكبرى”.
وأردف أن “التحدي الكبير لكل مثقف عربي، أن هذا الكتاب يحاكي الوجدان والإنسانية والمسيرة الصادقة، فإن كان المتلقي مع أو ضد سياسة أردوغان، فإنه لا بد له من قراءة مسيرته، للاستفادة من التجربة الحضارية والسياسية لهذا القائد”.
ولفت أن “الكتاب مطروح للبيع بكل منافذ توزيع الكتاب العربي، والمكتبات المهتمة، والمعارض الدولية والعربية”.
وختم فواز قائلا “من يرى العالم المحيط اليوم، سيجد في قراءة الكتاب فسحة أمل بضرورة وجود قيادات تخدم مجتمعها وبيئتها، وتنهض بدولها كمعيار إنساني وحضاري وإيماني، قبل أي اعتبار آخر”.