آلام اللاجئين السوريين .. كبار يرجون النسيان وصغار يتشبثون بماض مفقود

16 مارس 2018آخر تحديث :
طفل سوري في أحد مخيمات لبنان
طفل سوري في أحد مخيمات لبنان

تتمنى اللاجئة السورية وردة أن لو استطاعت محو حياتها السابقة، فالذكريات صارت مؤلمة للغاية. لكن أطفالها، على العكس منها، ليس لديهم ما يتذكرونه أو حتى ينسونه عن وطنهم الذي يشهد حربا منذ نحو ثمانية أعوام.

إنهم جزء من جيل جديد من السوريين الذين فر آباؤهم بالملايين من الحرب والدمار لكنهم أصغر سنا من أن يتذكروا وطنهم.

والوطن بالنسبة لأبناء وردة هو خيمة مؤقتة في مخيم للاجئين في لبنان يعيشون فيها مع أمهم البالغة من العمر 34 عاما والتي يمزقها الحزن.

وقالت وردة والدموع تنهمر على وجهها ”أول شي بدي أنسى، لو بإيدي أنسى، وما فيني أنا أنسى، أنسى هالسوريا، هي أول شغلة. أنسى بيتي … أنسى رفقاتي، أنسى كل شي، بس ما فيه الواحد ينسى، ما بينسى“.

وفر خمسة ملايين شخص من سوريا منذ اندلاع الحرب بعد قمع احتجاجات مناهضة للحكومة بالقوة في عام 2011. وفي 15 من مارس آذار تحل الذكرى السنوية الثامنة لموعد اندلاع تلك الاحتجاجات.

ووردة وابنها بلال (13 عاما) وابنتها ريان (سبع سنوات) وابنها الأصغر إبراهيم (ثلاث سنوات) ضمن مليون لاجئ يقيمون في لبنان المجاور. ويقيم أغلبهم مثل هذه الأسرة في خيام متهالكة تفتقر إلى المياه الجارية أو أنظمة الصرف الصحي الملائمة.

وقالت وردة عن ابنها الأكبر ”الكبير بانبسط أنا وإياه نقعد نحكي، كنا نعمل هيك. كنا نروح هيك، باخده عالحديقة مثلاً، باخده عالمدرسة“.

لكنها أضافت عن ابنتها ريان الجالسة في حجرها ”هي ما بتعرف شو هي سوريا. هي بتعرف متل ما بتحكي العالم. شايفة أبوها. (بتقول) شفت عمي، شفت ستي. وهي ما شايفة شي. يعني هادا أكتر شي بيقهرني“.

وأضافت وردة التي تمكنت من العثور على عمل في جمع الفاكهة في مزارع قريبة لبضعة أيام كل أسبوع ”بسوريا صار هالحرب، القوي بده الحرية، بس الضعيف بده السترة. ونحن اللي ضعنا، نحن اللي رحنا بين الرجلين، الضعفاء، الفقراء“.

ولم تسمع وردة شيئا عن زوجها الذي تزوج من أخرى وبقي في سوريا خلال العامين الماضيين.

أطفالنا لا يعرفون سوريا

ويكافح موسى عويد الجاسم من حلب كذلك للحفاظ على ذكريات سوريا حية في أذهان أبنائه السبعة الذين تتراوح أعمارهم بين أربعة أعوام و16 عاما.

ويقول الجاسم (43 عاما) وهو عامل سابق بمصنع للنسيج ”الطفلة الصغيرة ما بتعرف شي يعني، بتعرف هون المخيم، حتى ما بتحكي ما بتعرف شي عن سوريا يعني، إذا ما بنذكر قدامها حكي إنه نحن من سوريا نحن من منطقة كذا، ما بتعرف، إذا بتسأليها، ما بتعرف هي من وين“.

ويقول الجاسم إن أسرته ليس لديها ما يذكرهم بالوطن أو بحياتهم السابقة. وأوضح أنهم عندما غادروا لم يكن لديهم متسع من الوقت لحمل ألبومات الصور العائلية أو حتى حجج الأرض التي يملكونها.

وأضاف ”ولا مرة شايف هالمنظر، يعني، ولا مرة شايفين هالضرب وهالقصف، منا متعودين عليها يعني، فجأة صار هالشي عندنا، منا مهيئين للاشيا هاي“.

وفي هذا المخيم الصغير على مشارف بلدة قب الياس يقول السكان إنهم يحاولون قدر استطاعتهم جعل المكان أشبه ما يكون بوطنهم.

فقد أبقوا وسط المخيم خاليا لإقامة حفلات الزفاف وتجمعات العزاء وليلعب فيه الأطفال.

وفي نهار يوم مشمس، أخذ الدجاج يتبختر في وسط المخيم ووقفت قطة تبحث عن فتات الطعام المتناثر بينما تقشر النساء حبات البطاطا (البطاطس) وتقطع البصل على حصير مبسوط في الخارج. وبنت حمامات سوداء أعشاشها فوق إطارات تستخدم لدعم أسقف الخيام.

لكن ابني الجاسم، خالد (16 عاما) وماجد (14 عاما)، كانا من بين قلة لم تتبدد تماما ذكرياتها عن سوريا.

وقال ماجد عندما طُلب منه وصف كيف كان وطنه ”مثل الجنة وأحسن“.

في حين رد خالد على سؤال عن الحياة في مخيم قائلا ”جحيم“.

المصدر: رويترز

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.