على الرغم من فرض منع السفر على رجل الأعمال السوري بشار كيوان (51 عاما)، إلا أنه استطاع الهرب، في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، من البلاد، قبل أن يُلقى القبض عليه مرة أخرى في الإمارات، التي سلمته للكويت، لكن خلال تلك المدة لم تكتشف السلطات إلا مؤخراً كيف استطاع كيوان الهرب من البلاد.
سائق مصري كان وراء العملية، فقد قام من خلال شاحنته بتهريب كيوان عبر منفذ العبدلي الكويتي إلى العراق، مقابل مبلغ كبير من المال دفعه كيوان، الذي تابع سفره مستخدماً جوازه الفرنسي إلى بيروت، وأخيراً إلى الإمارات.
المصري الذي ألقت الأجهزة الأمنية القبضَ عليه أشار إلى تورّط شاب سوري أيضاً في عملية التهريب، وكلاهما في قبضة الأمن، وسيتم احتجازهما لمدة أسبوعين بتهمة تهريب رجل الأعمال.
وبحسب صحيفة الرأي الكويتية، تجري الأجهزة المختصة تحقيقات موسعة مع الموقوفين لمعرفة تفاصيل أكثر عن تهريب كيوان، المتهم بتزوير أوراق رسمية والمحكوم ب 5 سنوات سجن، ومعرفة ما إذا كانوا تلقوا مساعدة من آخرين.
وخاصة أن كيوان متورط مع شخص من العائلة المالكة وهو الشيخ صباح المبارك الذي توجه بالتهمة بحق شريكه السوري.
ونال كيوان شهرته في سوريا والخليج لامتلاكه مجموعة وسائل إعلامية مثل الوسيلة والوسيط، وكان بالشراكة مع مجد سليمان ابن بهجت سليمان، أكبر رجال الأمن في النظام السوري، كانا أول من أدخلا الصحافة الخاصة لسوريا بإصدار جريدة يومية خاصة، حملت اسم “بلدنا”.
وحتى إن شهرة رجل الأعمال هذا وصلت جزر القمر، من خلال مشاريع بدأ تنفيذها هناك لتحويل أكبر جزرها النائية -المطلة على المحيط الهندي والتي تعتبر واحدة من أفقر الدول في العالم حيث يعيش نصف مواطنيها على أقل من 1.25 دولار في اليوم- إلى دبي الجديدة.
ولكن كل تلك الأحلام فشلت بسبب تغييرات سياسية في البلاد، فالرئيس عبدالله سامبي صديق كيوان غادر الكرسي وتلاشى معه الحلم، بل أيضاً ورَّطه بملايين الدولارات.
والأهم من ذلك فقد كان بشار كيوان هو من اقترح على رئيس البلاد “الجنسية الاقتصادية” لرفع مستوى دخل البلاد، ويقول كيوان إنه وجد أطرافاً مستعدة في الإمارات للتعاون، مثل وزير الداخلية سيف بن زايد آل نهيان، ورئيس الشرطة الجنرال دكتور ناصر النعيمي.
وفي الوقت نفسه يتيح هذا الاقتراح فرصة للبدون للحصول على جنسية، وليس هم فقط، بل لأي شخص يحتاج جنسية أخرى لتسهيل حركته وسفره، وحينها تعهَّدت الإمارات، بحسب ما نقلت الغارديان ضمن بنود اتفاق بيع الجنسية، بدفع 200 مليون دولار، مقابل موافقتها على منح الجنسية لـ4.000 شخص.
سامبي صرَّح حينها أن 25 مليوناً ستذهب لخزينة الدولة والجزء الباقي استثمارات في مشاريع بنية تحتية.
الغارديان كانت قد اطلعت على عقد مؤرخ، في أبريل/نيسان 2008، وموقّع باسم النعيمي نيابة عن شركة خاصة، ومحمد دوسر وزير دفاع جزر القمر، ويمنح بموجبه كيوان دوراً للتوسط في تبادل الجنسية بين الإمارات وجزر القمر.
وكل ما كان على جمهورية جزر القمر عمله هو إصدار قانون يسمح بمنح الجنسية لهؤلاء، وطباعة عدد من جوازات السفر.
بداية رفض البرلمان بالإجماع عام 2008 مشروع قانون “الجنسية الاقتصادية”، وقالوا إنه قانون يدعو لوضع الجنسية القمرية في المزاد العلني.
ولكن علاقة كيوان كانت قوية مع رئيس البلاد. وزير الخارجية السابق محمد سقاف، قال في تصريح سابق “كان لدى كيوان ورقة بيضاء وكان رئيس الوزراء الفعلي لسامبي”.
حلم كيوان انتهى في عام 2011 بعد تسلم سياسي اسمه إكليلو دوناين السلطة، وبدأ بمطالبة شركة كيوان بدفع ملايين الدولارات من مشروع الجنسية الاقتصادية، كما ألغى الامتيازات التي منحتها سلطة سامبي لكيوان ومجموعته.
وعلى الرغم أن حلم كيوان لم يتحقق في جزر القمر، إلا أن مشروع الجنسية الاقتصادية مستمر، فقد قام في جزء منه على ترحيل البدون من دول الخليج إلى جزر القمر.
وإلى اليوم هناك شركات تحاول القيام بدور الوسيط في تأمين جنسية تلك البلاد مقابل 60 ألف دولار أميركي.
المصدر: هاف بوست عربي