في وقت تفيد الإحصاءات الرسمية بوجود 650 ألف لاجئ سوري في ألمانيا، يكاد هاجس الاندماج وضرورة تحقيقه عاملاً أساسياً في التغلب على حالة العزلة للاجئ، والدخول في أهم مرحلة من مراحل الحياة ألا وهي الإنتاج داخل المجتمع والبيئة الجديدين، مع مراعاة الإبقاء على الهوية الثقافية للموطن الأم، بما في ذلك العادات والتقاليد.
مجموعة من اللاجئين السوريين في ألمانيا تحدثوا لأورينت عن تجربتهم في ألمانيا، وكيف استطاعوا تذليل عقبة الإندماج بعد تمكنهم من التحدث باللغة الألمانية، والتي مكنتهم من دخول سوق العمل، أو امتلاك العديد من الأصدقاء الألمان، وممارسة الحياة بشكل طبيعي في منافي اللجوء.
(أوس) الذي وصل إلى ألمانيا في أيلول 2014، وتنقل بين عدة مدن، إلى أن استقر في مدن ولاية “بادن فورتمبورغ” أقصى الجنوب الغربي للبلاد، قال لأورينت “تعلمت اللغة الألمانية وصولاً للمستوى الأعلى C2 و حالياً أتابع الدراسة العليا باللغة الألمانية، و عملت كمترجم للغة الألمانية وفي نفس الوقت كعامل في سلسلة إحدى المطاعم”.
وحول العمل مع الألمان أضاف: “يتميز العمل بالصعوبة عموماً لاختلاف مفاهيم العمل بشكل جذري، لكن من أبرز الايجابيات تعلم الانضباط و الالتزام بالوقت و الانفتاح على أجواء عمل مختلفة، أما السلبيات فيبقى الوصول إلى مهارة التحدث بلغة الشارع المحكية و القدرة على القيام بالعمل على أفضل وجهن والخروج من مظهر القادم الجديد الذي يعاني من صعوبة فهم العمل بأسرع وقت”.
وأشار (أوس) إلى أن أول الصعوبات التي تواجه اللاجئ عموماً هو “حاجز اللغة أما الصعوبة الحقيقية فهي التعميم الذي يميل له عدد كبير من المواطنين، إذ يميلون إلى الحكم المسبق على اللاجئ الجديد من خلال بعض الحوادث المؤسفة (من عدم التزام بالعمل أو ارتكاب الجرائم أو التحرش الجنسي…إلخ) وهذا التعميم ينعكس على شكل صعوبة في الحصول على فرصة سكن و عمل بسهولة”، وفق قوله.
وفيما يخص تسهيل عملية الاندماج من قبل الحكومة الألمانية قال إن “الحكومة الألمانية تقدم تسهيلات كبيرة في مجال الإندماج اللغوي فهي تمول بالكامل عن طريق الحكومات المحلية، وصولاً للمستوى الأساسي B1 كما تقدم الحكومة تسهيلات في التمويل لمن يريد المتابعة وصولاً إلى المستويات الأعلى، كما تتعاون الحكومة مع عدد من المنظمات الأهلية و الخيرة لدعم الأطفال وتمكين المرأة و توفير فرص عمل بسيطة للاجئين، إلا أنه وللأسف ما زال هناك تقصير في متابعة موضوع السكن، ولا سيما أن الطلب على السكن في السوق الألماني أعلى بكثير من العرض، وفق تعبيره.
بدوره أوضح (محمد السمير) الذي وصلت ألمانيا في أواخر آب 2015 ويقيم حالياً بمقاطعة شمال (الراين ويستفاليا) في مدينة (نويس) تحديداً، أنه بعد تعلمه اللغة وإنهائه المستوى الأول، جاءت إليهم إحدى الشركات في المدينة التي كان يسكن فيها ( Hydro )، والتي كانت تريد مساعدت اللاجئين عن طريق اعطائهم فرصة تعلّم مهنة جديدة ومن خلالها يكون الشخص قادر على تأمين حياة جيدة للعيش في المانيا.
وتابع “كانت هذه الفرصة الأولى لي فقررت أن استثمرها، فقررت الشركة أن تعمل لنا تدريب مهني، بعد أن قدمت لنا ثلاث مهن وهي ميكانيكي صناعي، كهربائي صناعة ومشغل آلات، إلى جانب إكمال تعلم اللغة، وخاصة أننا في ذلك الحين كنّا لا نجيد اللغة جيداً فقررت الشركة تأمين مترجمين لنا لمساعدتنا في بداية الأمر إلى أن تمكنا من اللغة جيداً ، وأصبحنا قادرين على الدخول في المدارس المهنية الألمانية والتعلم جنباً الى جنب مع الألمان، والآن حالياً اتعلم مهنة جديدة في ألمانيا وهي ميكانيكي صناعي”.
وأشار (السمير) إلى أن العمل في ألمانيا مبني على ثلاث جوانب أساسية لا يمكن الاستغناء عنها وهي “1- السلامة : يتم تقديم كافة اجرائات السلامة لك ودائماً يكون هناك فرق متخصصة لبحث والتطوير، 2-احترام الوقت: فمواعيد العمل شي مقدس لا يسمح بتجاوزه، 3-الدقة والجودة في العمل: فالصناعة الألمانية غنية عن التعريف بدقتها وجودتها”.
أما (أحمد العمري) والذي وصل إلى ألمانيا في تشرين الأول 2015 ويقيم في ولاية (تورينغن)، أوضح خلال حديثه لأورينت، أن مستواه في اللغة الألمانية هو b2، وأنه إلى الآن ليس لديه عمل حقيقي أو أي تجربة بسبب ما قال وجود “صعوبة في المدينة التي أسكن فيها بين دراستي في سوريا وفرصة عمل تناسبها، وبسبب كذلك إحدى نتائج قوانين اللجوء الجديدة، إذ يمنع الانتقال إلى أي مدينة أخرى إلا بموجب تصريح عمل وتوفير إقامة أيضاً.
وحول الإندماج قال (العمري) “حاولت الاندماج كثيراً ونجحت في ذلك نوعاً ما وأملك حالياً العديد من الأصدقاء الألمان من خلال اللعب في إحدى نوادي المقاطعة فنتبادل الزيارات والأحاديث المتنوعة بالنسبة للعمل مع الألمان”.
ولفت (العمري) إلى أن هناك صعوبات كبيرة تواجه اللاجئين بشكل عام والحاصلين على شهادات عليا في بلادهم بشكل خاص حيث “يشترط إتقان اللغة بشكل كبير بالإضافة إلى وضعهم لفترة طويلة فمثلاً الطبيب أو المهندس بحاجة إلى مايسمى (اوسبيلدونغ) لمدة ٣ سنوات على الأقل ليتمكن من دخول سوق العمل، لكن المشكلة الأكبر التي تواجه اللاجئين حالياً، هو طلب تجديد جواز سفرهم من سفارة بلادهم الأمر الذي يستحيل على الكثير منهم القيام به بسبب الملاحقة القانونية التي من الممكن أن يتعرض لها في بلده”.
من جانبه قال (مصعب الراوي) الذي وصل إلى ألمانيا في أيلول 2015، ويقيم في ولاية شمال الراين، أنه منذ وصوله إلى ولاية شمال الراين بدأ المرحلة الدراسية وهي تعلم اللغة حتى وصول للمستوى B2. مضيفاً أنه “في هذه الفترة حصلت على فرصة في شركة المنيوم وتسمى Hydro لكي أدرس فيها اوسبيلدونغ ( الاوسبيلدونغ وهو ما يشبه المعهد الصناعي في سوريا ) ومن خلال هذه الدراسة اختص في دراسة الميكانيك الصناعي لمدة 3 سنوات ونصف، ولكن لم أتمكن من الاستمرار فيها حتى أحصل على مستوى B2 في اللغة وما زلت أدرس هذا المستوى لاتمكن من دخول هذه المهنة”.
المصدر: أورينت