منذ 24 عاماً، وتحديداً في يوم 21 كانون الثاني/يناير من عام 1994، أعلن عن مقتل باسل، ابن الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، وشقيق رئيس النظام الحالي بشار، في حادثة لم تتضح جميع تفاصيلها، إنما قيل وقتها إن باسل لقي مصرعه بحادث سير وهو في طريقه إلى مطار العاصمة السورية دمشق.
وفيما شككت مصادر مختلفة بطريقة مقتل باسل الأسد، ولا تزال، فقد كان مصرعه أكبر هزة يواجهها حافظ الأسد الذي كان يعدّه لخلافته، حيث كان يشار إلى باسل بصفته “وارث” أبيه في الحكم.
بدءاً من يوم 21 من يناير عام 1994، وإثر إعلان مقتل باسل، أقفلت مؤسسات الدولة، وتغيّب أغلب الموظفين عن عملهم لمدة وصلت إلى 15 يوماً، في بعض الدوائر، مما اضطر إعلام نظام حافظ الأسد، إلى الإعلان عن ضرورة عودة الموظفين إلى مزاولة أعمالهم، بعدما واصلوا تغيّبهم للمشاركة المطولة في الحداد على باسل، والذي قام أحد رجال الدين المحسوبين على حافظ الأسد، بإصدار فتوى تعدّ باسل من “الشهداء”، علماً أنه كان يقود سيارته المدنية، متوجهاً إلى المطار، بحسب الرواية الرسمية.
شكّل الأمر صاعقة نزلت على حافظ الأسد الذي أعلنت وفاته بعد ست سنوات من مصرع ابنه الأكبر. فبدأ يكثر من استقبال رجال الدين من مختلف الطوائف، لسماع كلمات التعزية بابنه الذي كان يعده لخلافته، بل كان قد شرع بالفعل بتلك الخلافة، من خلال تسميته لوزراء في الحكومة أو رؤسائها، فضلاً عن قيامه شخصياً بإصدار التعيينات المتعلقة بأكبر مناصب الدولة، ومنها مناصب المؤسسة العسكرية التي عيّن فيها كثيراً من الضباط المحسوبين عليه.
في ذلك الحين، كان بشار الأسد، رئيس النظام الحالي، مقيماً في بريطانيا، على خلفية أن شقيقه الأكبر هو الذي سيخلف أباه، ففوجئ باتصال هاتفي طولب فيه بالعودة، على وجه السرعة، إلى سوريا، ودون أن يتم إخباره بنبأ مصرع شقيقه.
ومنذ اللحظة التي عاد فيها إلى سوريا، قام أنصار نظام أبيه بحمله على أكتافهم، معلنين أنه وارث الوارث، أي بديل شقيقه الذي كان سيرث والده في حكم البلاد.
وفي العام الذي أعلنت فيه وفاة حافظ الأسد، وهو عام 2000، عُين بشار الأسد حاكماً للبلاد، عوضاً من شقيقه القتيل، وخلفاً لأبيه المتوفى، في آن واحد معاً.
رواية اغتيال باسل لا مصرعه بحادث سير
يذكر أن صفحات أنصار النظام السوري، على مواقع التواصل الاجتماعي، تضج بكلمات العزاء على باسل، في الساعات الأخيرة التي بدأوا فيها باستذكاره ونشر صور مختلفة له، خصوصا منها التي يظهر فيها راكباً حصاناً.
ولا يزال الغموض يحيط بالظروف التي قتل فيها باسل الأسد، إذ كثرت فيها الأقوال، وتنوعت فيها الاتهامات والروايات. ومن هذه الروايات، أنه لقي مصرعه اغتيالاً بسبب صراعات على السلطة، لا بحادث سير.
ويعتمد أصحاب رواية مقتل باسل اغتيالاً، على جملة من الخلفيات التي كان منها وقوع صراع على السلطة بين حافظ الأسد وأحد أشقائه، قبل سنوات من مقتل ابنه، ووصول هذا الصراع إلى مواجهة عسكرية مباشرة، كادت تندلع لولا تدخل الأُمّ ونزولها إلى الشارع، حسب ما قالت المصادر الموثوقة.
وجاء في هذا السياق، في مقال للدكتور أحمد أبو مطر، نشر في موقع “إيلاف” الإلكتروني بتاريخ 16 نوفمبر عام 2011، أن “الصراع على الاستئثار بالسلطة، لم يكن نتيجته محاولات انقلاب رفعت على أخيه (حافظ)، ولا قتل العديد من ضباط الجيش والوزراء ورئيس وزراء مثل الزعبي، بل طالت باسل الابن البكر لحافظ الذي تمت تصفيته في الحادي والعشرين من يناير عام 1994”. حسب ما جاء في التقرير المشار إليه والذي نشر بعنوان: “أطروحات رفعت الأسد عائلية طائفية مرفوضة”.
ولوحظ أن استذكار باسل الأسد، لدى أنصار النظام السوري الحالي، تضاعف بكثافة بعيد انطلاق الثورة السورية المطالبة بإسقاطه، ولجوء بشار الأسد إلى الخيار العسكري لقمع معارضيه. حيث أدت حربه، فضلاً عن الخسائر المهولة بالأرواح والممتلكات والبنى التحتية للبلاد، أدت إلى خسارته عدداً كبيراً من ضباط جيشه وجنوده، إلى الدرجة التي يحرص فيها المحللون والمراقبون على استخدام صيغة “ما تبقى من جيش الأسد” دلالة على تقهقره وخسارته عدداً كبيراً من جنوده وتفككه الكبير حتى بات يوصف جيشه بـ”الشراذم”.
المصدر: العربية نت