تعيش عائلة اللاجئ السوري “رياض زيبو” (45 عاما)، الذي أحرق جسده، الأربعاء الماضي، معاناة كبيرة زادها رفض الأمم المتحدة تقديم المساعدة لها في مدينة طرابلس شمالي لبنان.
دراسة للأمم المتحدة أفادت، الثلاثاء الماضي، بأن 58 بالمائة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون في فقر مدقع (أقل من 2.87 دولار للشخص يوميا)، وأن أكثر من 75 بالمائة منهم يعيشون تحت خط الفقر (أقل من 3.84 دولار يوميًا).
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 997 ألف لاجئ، حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، إضافة إلى لاجئين سوريين غير مسجلين لدى المفوضية.
** ظروف معيشية صعبة
مراسل الأناضول زار عائلة “زيبو”، المكونة من زوجته وأربعة أطفال، وتعيش في خيمة داخل مخيم عشوائي صغير، وسط ظروف معيشية سيئة، نتيجة تهجيرهم من محافظة إدلب، شمالي سوريا، جراء الحرب المتواصلة منذ 2011.
في هذا المخيم الصغير كان يعيش “رياض زيبو”، الذي أضرم النار بجسده فأصيب بحروق بالغة، أمام مركز للأمم المتحدة في طرابلس، بعد أن أبلغه أحد الموظفين أنه تم قطع المساعدة عنه، وأن عليه مراجعة الجهات المعنية بعد أيام.
وقالت “نادية حكمة النايف” (40 عامة)، زوجة رياض، للأناضول: “زوجي أحرق نفسه نتيجة ظروفه المعيشية الصعبة”.
وبحزن أضافت: “لم نزر رياض في المستشفى، لعدم قدرتنا على دفع تكاليف التنقل، حيث تبعد المستشفى عن سكننا عشرات الكيلومترات”.
وأفقر فئات الشعب السوري أولئك الذين يعيشون اليوم في مخيمات ومراكز إيواء.
والعدد الأكبر من المخيمات ومراكز الإيواء لا تشرف عليه أي منظمة إنسانية رسمية، وهو ما يتسبب في مشاكل كثيرة داخل المخيم.
وتابعت نادية، وهي أم لأربعة أطفال: “آمل أن ينظر المجتمع الدولي إلى حالنا، وأناشد حكومة تركيا أن ترعانا”.
** مساعدة للأطفال
عن قصة لجوء الأسرة إلى لبنان، قالت الأم السورية: “أتينا من مدينة إدلب، هربا من الحرب، حيث فقدنا أهلنا وأقاربنا”.
وأضافت: “أردنا أن نحصل على لقمة عيش لأطفالنا الأربعة، لكن كلفة استئجار بيت مرتفعة جدا، فلم نجد منزلا يأوينا، لذلك بنينا خيمة وسكنّا فيها”.
وأردفت نادية: “لا يمكن أن أصف لكم كيف لستة أشخاص أن يناموا في خيمة صغيرة.. طلبنا مسبقاً مساعدة من الأمم المتحدة، لكنهم قالوا لنا إنه لا يمكنهم مساعدتنا”.
ومضت قائلة: “منذ يومين وقف زوجي أمام مكتب الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدني) لساعات طويلة ينتظر دوره، وعندما وصل دوره طردوه، وهذا ما دفعه إلى إحراق نفسه، تعبيراً عن حزنه وألمه لما تعانيه أسرته وأطفالنا”.
ولا تعرف الأم كيف يمكن أن يعيش أطفالهما: “ليس أمامنا أي طريقة لإعالة هذه العائلة.. كل ما كان يريده هو مساعدة صغيرة لأولاده، كل ما طلبه زوجي هو لقمة عيش نسد بها جوع أطفالنا وجوعنا”.
وهذا ليس حال أسرة “زيبو” وحدها، إذ قالت الأم: “نعاني ظلما في لبنان.. ابنة عمي أرملة وتعيش عند بيت أختي، ولديها ستة أطفال.. ليس لدينا من يعيلنا، حالتنا صعبة جدا.. نعيش في خيمة صغيرة لا تكفينا، ولا شيء يأوينا من البرد والمطر”.
وتابعت: “أجلس عند أختي الأرملة، التي لديها ثلاثة أيتام، وعلينا دين وننام أحيانا بلا طعام.. كل شيء هنا غالي، حتى أنني لا أملك مالا لأعالج أي طفل من أولادي في المستشفى إن اصابه مرض، ولو بسيط”.
وختمت الأم السورية بقولها: “نأمل في مساعدة.. إن مات زوجي من يمكن أن يعيل هذه العائلة.. لا نعلم متى سيشفى، فحالته غير مستقرة”.
** لا مدرسة ولا ملابس كافية
نور (10 سنوات)، إحدى أطفال اللاجىء السوري، قالت للأناضول: “نتمنى أن يقوم أبي بالسلامة.. نشتاق إليه جدا، ونشعر بالحزن لما أصابه من أجلنا”.
وأضافت: “وضعنا صعب.. نحن لا نذهب إلى المدرسة كالأطفال الآخرين، ولا نملك ألبسة كافية تقينا من برد الشتاء.. نحن في حالة صعبة جدا”.
وتابعت الطفلة: “أدعو الدولة اللبنانية والأمم المتحدة أن تساعد أبي، فإن مات، لا سمح الله، سنموت جميعنا، وما لحياتنا معنى بعد موته”.
** “بخل المجتمع الدولي”
على المستوى الرسمي في لبنان، أعرب وزير الدولة لشؤون النازحين، معين المرعبي، عن أسفه وحزنه لـ”إضرام أحد الإخوة من النازحين السوريين النار بنفسه، بعد عدم تمكنه من الحصول على مساعدة غذائية”.
وحذر المرعبي، في بيان عقب الحادث، من “إمكانية تكرار هذه الحوادث المأسوية، نتيجة ما يعانيه هؤلاء الإخوة النازحون”.
وانتقد ما أسماه “البخل المخزي للمجتمع الدولي”، ووقوفه متفرجا أمام هول ما يعانيه اللاجئون السوريون.
وشدد الوزير اللبناني على أن المسبب الأول للحادثة هو “البخل الذي ليس له مثيل”، والذي تمارسه الدول الغنية تجاه اللاجئين السوريين.
ويشكو لبنان، الذي يعيش داخله نحو 4.5 مليون لبناني بحسب تقدير غير رسمي، من أعباء اللاجئين السوريين، ودعا المجتمع الدولي مرارا إلى المساعدة في إعاشة هؤلاء اللاجئين، فضلا عن التوصل إلى حل لإنهاء الحرب في الجارة سوريا، ومن ثم إنهاء مأساة اللجوء.
المصدر: الأناضول