استهل وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو مقال نشرته، الجمعة، مجموعة “فونكه” الإعلامية الألمانية (غير حكومية)، بتسليط الضوء على التوتر الذي ساد العلاقات الألمانية التركية منتصف العام الماضي، وإبراز أهمية اتخاذ خطوات جديدة في سبيل تطوير العلاقات التي تصب في مصلحة البلدين.
وقال تشاوش أوغلو: “هذا زمن تطوير العلاقات التركية الألمانية في إطار المصالح المشتركة”. وأكد الوزير التركي أنّ “برودة الأعصاب التي تم من خلالها حل كافة المشاكل الطارئة على العلاقات مع برلين، أدت في الوقت نفسه إلى تعزيز العلاقات بين البلدين أكثر من قبل.
وأشار إلى ضرورة التعاون بين تركيا التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة وتقع جنوب شرق القارة الأوروبية، وبين ألمانيا، في ظل ما يشهده النظامين السياسي والاقتصادي العالمي، من “تسارع في وتيرة الحركات التكتونية”، وتصاعد القوى المتطرفة والمعادية للإسلام مقابل القوى المتوازنة في الاتحاد الأوروبي، وانتهاك لحدود دول ذات سيادة، واتساع دائرة الإرهاب.
وقال تشاوش أوغلو: إنّ “من أهم الأشياء التي يجب علينا القيام بها هي، تطوير لغة تفهّم فيما بيننا”، مضيفًا: “عندما توحدت الألمانيتين في ألمانيا الجديدة، أبعد مئات الآلاف من الموظفين في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) عن مؤسسات الدولة. وننتظر من الجانب الألماني تفهم أكثر لما واجهته تركيا في المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز/يونيو 2016″.
ونوه تشاوش أوغلو، أن وحدة الرؤى التي ستتم في الإطار المذكور، من شأنها فتح آفاق جديدة، في ملفات مثل الأمن، والتجارة والاستثمارات المتبادلة، والتعاون في مجال الطاقة، والتنسيق في السياسات الاقليمية، مشيرًا إلى أن مستوى التعاون في مجال الاستخبارات والأمن، يبعث على الارتياح، رغم المرحلة الصعبة التي تمر بها العلاقات بين البلدين.
ولفت تشاوش أوغلو إلى استمرار التعاون الفاعل في التبادل الاستخباراتي بين البلدين، ضد منظمات إرهابية على رأسها داعش. وشدد في الوقت نفسه، على أن إبداء نفس الحزم فيما يتعلق بمكافحة أنشطة تنظيمي غولن وبي كا كا الإرهابيين في ألمانيا، يمثل أهم تطلع لدى أنقرة. كما نوه بوجود امكانيات كبيرة لتطوير التعاون الاقتصادي بين الجانبين، وأعرب عن اعتقاده بضرورة إدراك أهمية وقيمة العلاقات الاقتصادية الثنائية بصورة أكبر.
وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن دول الاتحاد الأوروبي ليست بمنأى عن أي أزمة، الأمر الذي ظهر جليًا في أزمة اللاجئين. ونوه أن مذكرة التفاهم بين تركيا والاتحاد الأوروبي، في 18 مارس/آذار 2016، لعبت دورًا محوريًا في السيطرة على موجة اللاجئين غير النظاميين، التي تحولت إلى مشكلة مصيرية للاتحاد.
وبيّن تشاوش أوغلو، أن تركيا أوفت بكافة التزامتها بموجب التفاهم، بصورة حرفية، بينما لم يبد الاتحاد نفس العزيمة في تنفيذ ما يترتب عليه، ورغم ذلك التزمت تركيا بتعهداتها انطلاقًا من وعيها بالمسؤولية الإنسانية. وتابع: “حقنا الطبيعي أن نطلب من الاتحاد الإيفاء بمسؤولياته، وعلى رأسها الغاء تأشيرات الدخول (بالنسبة للمواطنين الأتراك). وأفاد أن تجاوز مرحلة الجمود في مسيرة عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، سيكون لمصلحة الجميع.
كما أكد رفض تركيا، استخدام الجانب الأوروبي، موضوع تحديث الاتحاد الجمركي، كورقة ضغط على أنقرة. وشدد تشاوش أوغلو على ضرورة بلورة العلاقات الثنائية وفق مقاربة استراتيجية وطويلة المدى، وليس وفق خطوات تكتيكية أو على ضوء مواضيع معينة.
وتطرق في هذا الإطار إلى قضية المواطنين الألمان المحبوسين في تركيا – التي تشكل إحدى عوامل التوتر- حيث أشار إلى أنه باستثناء واحد منهم، كلهم من أصول تركية، وجرت تطورات إيجابية في هذا الملف في الأسابيع الماضية (في إشارة إلى إطلاق سراح بعضهم). وأكد تشاوش أوغلو ضرورة الثقة في القضاء المستقل في ظل دولة القانون، كما نوه أن تركيا تبذل ما بوسعها على الصعيد السياسي لتسريع الإجراءات القضائية.
ويأتي مقال الوزير التركي قبيل يوم من زيارته مدينة غوسلار مسقط رأس نظيره الألماني. وتأتي زيارة تشاوش أوغلو، غدًا السبت، ردًا على زيارة مماثلة لوزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، إلى ولاية أنطاليا التركية، مسقط رأس الوزير التركي، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
المصدر: TRT